للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجامع بينهما: يجب أن يكون باعتبار المسند إليهما والمسندين جميعا؛ نحو: يشعر زيد ويكتب، ويعطى ويمنع، وزيد شاعر، وعمرو كاتب، وزيد طويل، وعمرو قصير؛ لمناسبة بينهما؛ بخلاف: زيد شاعر، وعمرو كاتب؛ بدونهما، وزيد شاعر وعمرو طويل؛ مطلقا.

ــ

إنه معطوف على تُؤْمِنُونَ (١) لأنه بمعنى آمنوا، قال المصنف: وفيه نظر لأن المخاطبين فى تُؤْمِنُونَ هم المؤمنون وفى وَبَشِّرِ هو النبى صلّى الله عليه وسلّم ثم قوله:

تُؤْمِنُونَ (٢) بيان لما قبله على طريق الاستئناف فكيف يصح عطف بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه؟ قلت: أما اختلاف المخاطبين فى الجملتين فلا يمتنع كما سبق ثم جائز أن يكون وَبَشِّرِ خطابا لكل واحد وكون جملة تُؤْمِنُونَ بيانا أو استئنافا، فأما الذى يمنع منه صحة العطف عليها مع كون مضمون بَشِّرِ مما يصح أن يستأنف به عما قبل تُؤْمِنُونَ، وذهب

السكاكى إلى أنهما معطوفان على قل مرادا قبل يأيها الناس ويأيها الذين آمنوا، لأن إرادة القول بواسطة انصباب الكلام إلى معناه غير عزيزة فى القرآن الكريم ومن ذلك: وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا (٣) وقوله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا (٤) وقوله تعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا (٥)، قال المصنف: والأقرب فى الآيتين الكريمتين أن يكون الأمر معطوفا على مقدر يدل عليه ما قبله، أى: فأنذر ونحوه كما قدره الزمخشرى فى قوله عز وجل وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (٦) معطوفا على محذوف يدل عليه قوله: لأرجمنك ومن هذا الباب قوله تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (٧) وقال السكاكى: إنه معطوف على قل مثل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ (٨)

ص: (والجامع بينهما إلخ).

(ش): تقدم أن الجامع بين الجملتين هو المعتمد فى اعتبار الوصل.

اعلم أن الذى يظهر والله سبحانه وتعالى أعلم من كلام السكاكى وغيره من أهل هذا الفن أن الجامع المعتبر فى الوصل هو التناسب بين الجملتين لا غير على ما


(١) سورة الصف: ١١.
(٢) سورة الصف: ١١.
(٣) سورة البقرة: ٥٧.
(٤) سورة البقرة: ٦٣.
(٥) سورة البقرة: ١٢٥.
(٦) سورة مريم: ٤٦.
(٧) سورة البقرة: ١٥٥.
(٨) سورة البقرة: ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>