للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خطاب عام بقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ (١)، ثم فصل فقيل للكفار: فإن لم تفعلوا وقيل لغيرهم: وبشر ونظيره أيها الناس أنا راض عنك وساخط عليك، والخطاب لشخصين، وذلك أوضح مما مثل به نعم يشكل على ما قاله أن الخطاب وقع هنا مع شخصين فى كلامين مستقلين، وأما وبشر إذا كانت معطوفة على الجواب صار كأنك قلت: إن قمت فأنت كذا، ويكون الخطاب فى الشرط مع شخص وفى الجزاء مع غيره، وذلك لا يكاد يجوز لأنه كلام واحد وإن كان جملتين لا يقال: قد وقع ذلك فى قول العرجى:

فإن شئت حرّمت النّساء سواكم ... وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا (٢)

فإن سواكم تعظيم، وربما خوطبت المرأة والواحدة بخطاب الجماعة الذكور، يقول الرجل عن أهله: فعلوا كذا،

مبالغة فى سترها حتى لا ينطق بالضمير الموضوع لها، ومنه قوله تعالى حكاية عن موسى عليه الصلاة والسّلام: فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا (٣) ولذلك كان الأكثرون على أن الضمير فى قوله تعالى: وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ (٤) للأزواج ليتحد فاعل الشرط مع فاعل الجزاء، وأما قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٥) فليس شرطا وجزاء فلا مانع من اختلاف المخاطب فى النداء مع ما بعده أو (ارجعون) خطاب لله تعالى للتعظيم، فهو كقوله: (حرمت النساء سواكم) فإنه خطاب للواحدة تعظيما، أو قال رب استغاثة وارجعون خطاب للملائكة أو جمع لتكرر القول كما قيل فى قفا نبك، وأما يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ (٦)، فذكر النبى للتشريف ثم خوطب الجميع نعم يمكن أن يمنع ذلك من أصله ويقال: وبشر ليس مختصا بخطاب واحد دون غيره بل لكل واحد وأفرد إشارة إلى أن ذلك لا يؤمر به شخص دون غيره قال الزمخشرى فى قوله تعالى فى سورة الصف: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٧)


(١) سورة النساء: ١٧٠.
(٢) البيت من الطويل، وهو للعرجى فى ديوانه ص: ١٠٩؛ ولسان العرب ٣/ ٦٥ (نقخ)، (برد)، والتنبيه والإيضاح (١/ ٢٩٢).
(٣) سورة طه: ١٠.
(٤) سورة البقرة: ٢٣٢.
(٥) سورة المؤمنون: ٩٩.
(٦) سورة الطلاق: ١.
(٧) سورة الطلاق: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>