للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على مذهب الكوفيين فالجواب أن الالتفات وقع بقوله: لا ملومة، والتقدير لا هى ملومة، ومنها قوله تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ (١) فيقول: ومنها قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ (٢) بل فيه التفاتان أحدهما بين أرسلنا والجلالة والثانى بين الكاف فى أرسلناك ورسوله، وكل منهما فى

كلام واحد، ومنها قوله تعالى: سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ (٣) ومنها: فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ (٤) جوز الزمخشرى فيه أن يكون ضمير جزاؤكم يعود على التابعين، قال: على طريق الالتفات، وهو ينافى ما تقدم عنه وعن غيره، ومنها قوله تعالى: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ (٥) على قراءة الياء، قال الزمخشرى: على طريقة الالتفات، وهو أيضا ينافى ما تقدم، ثم كان الزمخشرى مستغنيا عن ادعاء الالتفات بأن يعيد الضمير فى ترجعون إلى نفس الناس فلا يكون التفاتا، ومنها ما قاله التنوخى فى الأقصى القريب: إن الواو فى: وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً (٦) واو الحال يلزمه وقوع الالتفات فى كلام واحد، ومنها: وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧) لأن فطرنى وترجعون كلام واحد، فإن كان القائل: إن الالتفات لا يكون فى جملة واحدة، يعنى به جملة طرفاها مفردان، ويجوز وقوعه بين جملتين لهما محل واحد معمولتين لشئ واحد أو بين جملة ومتعلق بها لم ينتقض كلامه بشئ مما سبق.

(تنبيه): قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ (٨) وقوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ (٩) اتفقوا على أنه التفات واحد، وفيه نظر، لأن الزمخشرى ومن تبعه على أن الالتفات خلاف الظاهر مطلقا يلزمهم أنه إن كان التقدير قولوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ ففيه التفاتان، أعنى فى الكلام المأمور بقوله أحدهما فى لفظ الجلالة فإن الله تعالى حاضر فأصله الحمد لك، والثانى إياك لمجيئه على خلاف الأسلوب السابق، وإن لم يقدر قولوا: كان فى الحمد لله التفات عن التكلم إلى الغيبة، فإن الله سبحانه حمد نفسه، ولا يكون فى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ


(١) سورة الفرقان: ١٧.
(٢) سورة الفتح: ٨، ٩.
(٣) سورة آل عمران: ١٥١.
(٤) سورة الإسراء: ٦٣.
(٥) سورة البقرة: ٢٨١.
(٦) سورة المائدة: ١٢.
(٧) سورة يس: ٢٢.
(٨) سورة الفاتحة: ٢.
(٩) سورة الفاتحة: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>