السواء، كالرجل إن قلنا: إنه لا يدل على الوحدة يعم رتب الآحاد بالالتزام، فيقع الحكم فيه على حقيقة الجنس التى ليست واحدة، ولا متعددة، مع ملاحظة وجوده فى الجزئيات، ويلزم من الحكم عليها الحكم على كل فرد من جزئياتها. فإذا قلت: الماء يروى إلا الحمار، فقد حكمت على مطلق الماء الموجود فى ضمن الجزئيات، ويلزم من الحكم عليه الحكم على أفراده، وهذا لا ينافى قولنا: دلالة العموم كلية؛ لأن ذلك أعم من أن تكون كليتها باللازم، أو غيره، وكذلك الصلاة مطلوبة إلا فى وقت الكراهة، والإنسان فى خسر إلا المؤمن إن لم يجعله للوحدة، أو جعلناه لها، ولكنه تجرد منها عند إرادة العموم، وهذا فيما لا يتميز أجزاؤه، كالماء، وأوضح منه فى المميز، كالإنسان، والفرس وهو فى المصادر، أوضح منه فى غيرها.
فإن قلت: إذا كان شمول الأفراد لازما للحكم على الجنس، لزم أن تكون الإرادة الجنسية، تساوى الاستغراقية فى استيعاب الأفراد لأنها للجنس الذى لا يفارق شيئا من جزئياته. قلت: من هنا توهم كثير أن النكرة فى سياق الإثبات للعموم، ونقل ذلك عن الحنفية، ولذلك توهم ابن جنى أن أسماء الأجناس، لا تستعمل غالبا إلا مجازا؛ لعدم إمكان استيعاب أفراد الجنس غالبا، وليس كذلك؛ لأنا نقول: الجنسية جزء، وقصد المتكلم فيها إلى الجنس، ولم يلاحظ الأفراد، واستلزام الجنس للأفراد إزالة ما يدل عليه التنكير من التقييد بوحدة، أو غيرها من معانى التنكير.
وأما الاستغراقية، فالاسم بعدها فى الدلالة على الجنس، لم يمنعه مانع والحكم عليه غير مقصود لذاته؛ بل للأفراد؛ وهو يشابه الكناية فى أن الحكم فيها على شئ، والمقصود ملزومه.
إذا تحرر هذا فعموم اسم الجنس المعرف بالألف واللام، أقوى من عموم الجمع؛ لأنه ادعاء الشئ بدليله كما ذكره البيانيون فى غير موضع، وعموم الجمع ادعاء تحول الاسم للأفراد بغير دليل، ويتخلص أن عموم المفرد، أقوى عند البيانيين؛ لأن دلالة الالتزام عندهم أقوى، وعموم الجمع أقوى على ما تقتضيه قواعد الأصوليين؛ لأن دلالة المطابقة عندهم أقوى، ودلالة العام فى الجمع مطابقة؛ لكن يخدش فيه ما سيأتى عن إمام الحرمين، وسيأتى تحقيق هذا الموضع عند قول المصنف: واستغراق المفرد أشمل، والداخلة على الجمع، هل تصيره آحادا، أو تصير جزئيات العام مفردات،