كتاب عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لكن قد توجد التثنية خالية عن القرينة الصارفة للعموم، أو مشتملة على قرينة إرادته، ولا نكاد نجد ذلك إلا فى اثنين بينهما تواصل ما، ويمكن الاستدلال له بقوله تعالى:

وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ (١) وقوله صلّى الله عليه وسلّم:" إذا التقى المؤمنان بسيفيهما" (٢) فإنه يعم كل اثنين ومؤمنين، وهذا وإن لم يكن مما نحن فيه لأنهما موصولان؛ لكن يشهدان لما نحن فيه من تثنية ما فيه الألف واللام الحرفية، وكذا قوله تعالى: فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ (٣) يعم كل أخوين، وكذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم:" البيعان بالخيار" (٤)، وكذلك:

" رجلان تحابا فى الله" (٥) وهو وإن لم يكن عام اللفظ، فهو عام المعنى.

وأما نحو: لبيك، ودواليك، فقال أبو عبيدة: إنه عبر فيه بالمثنى عن الجمع، والذى اختاره الوالد فيه أنه اكتفى فيه بأول العدد، كقوله:

لو عدّ قبر وقبر كنت أكرمهم

وعلى كل هذا قسم آخر يمكن ادعاء عمومه بالإضافة، وإن كان مثنى فى اللفظ.

السادسة - دلالة العموم على كل من هذه الأقسام كلية، بمعنى أن الحكم على كل فرد نفيا كان، أم إثباتا، وإن كان فى النفى، لا يرتفع الحكم عن كل فرد، فرد بخلاف الإثبات على ما يأتى تحقيقه فى عموم السلب وسلب العموم، بخلاف ما ذكروه من قولهم: إن الحكم فى النفى على المجموع.

السابعة - إذا أثبت العموم فى هذه الأقسام على سبيل الكلية، فكل منها يعم بحسب مدلوله. فالإرادة الداخلة على اسم الجنس، وكل ما يصلح للواحد وغيره على

(١) سورة النساء: ١٦.
(٢) أخرجه البخارى فى" الديات" باب قول الله تعالى: وَمَنْ أَحْياها ... ١٢/ ١٩٩ (ح ٦٨٧٥) وفى غير موضع فى صحيحه، ومسلم فى" الفتن" (ح ٢٨٨٨) من حديث أبى بكرة رضى الله عنه.
(٣) سورة الحجرات: ١٠.
(٤) أخرجه البخارى فى" البيوع" باب: إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا (٤/ ٣٦٢) وفى غير موضع فى صحيحه، ومسلم فى" البيوع" ايضا (ح ١٥٣٢).
(٥) أخرجه البخارى فى" الزكاة" باب: الصدقة باليمين (٣/ ٣٤٤) (ح ١٤٢٣) وأخرجه فى مواضع أخرى من صحيحه، ومسلم فى" الزكاة" أيضا (ح ١٠٣١) من حديث أبى هريرة رضى الله عنه، وطرفه:
" سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله ... ".