للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طَلَب الْمَال ألبتة، وكان مِنْ الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم كان بَعيدًا عن الدُّنيا، عَدِيم الرَّغْبَة فِيها، وأمَّا كَيْفِيَّة الدَّعْوة، فقال: (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) (١).

ونَقَل وُجُوهًا في الاسْتِثْنَاء الوَارِد في آيَة "الفرقان"، حَيث قَال: (إِلَّا مَنْ شَاءَ): ذَكَرُوا فِيه وُجُوهًا مُتَقَارِبة:

أحدها: لا يَسْألُهم على الأدَاء والدُّعاء أجْرًا إلَّا أن يَشَاءُوا أن يَتَقَرَّبُوا بِالإنْفَاق في الْجِهَاد وغَيره، فَيَتَّخِذُوا بِه سَبِيلًا إلى رَحْمَة رَبِّهم، ونَيْل ثَوَابه.

وثَانِيها: - قال القَاضي -: مَعْنَاه: لا أسْألُكم عليه أجْرًا لِنَفْسِي، وأسْألُكم أن تَطْلُبوا الأجْر لأنْفُسِكم باتِّخَاذ السَّبِيل إلى رَبِّكم.

وثَالثها: - قال صَاحِب الكَشَّاف -: مِثال قَوله: (إِلَّا مَنْ شَاءَ)، والْمُرَاد: إلَّا فِعْل مَنْ شَاء.

ومَعْنَى اتِّخَاذهم إلى الله سَبِيلًا: تَقَرُّبُهم إليه، وطَلَبهم عِنْده الزُّلْفَى بالإيمان والطَّاعَة وقِيل: الْمُرَاد: التَّقَرُّب بِالصَّدَقَة والنَّفَقَة في سَبِيل الله (٢).

ونَقَل في آيَة "الشورى" ثَلاثَة أقْوَال:

الأوَّل: قَول الشعبي - وقد تقدّم -.

والثَّاني: - مَا رُوي عن ابن عباس - كَانت تَعْرُوه نَوَائب وحُقُوق وليس في يَدِه سَعَة - وقد تقدّم -.

والثَّالِث: قَول الحسن البصري - وقد تقدّم -.

وخُلاصَة مَعنَى "القُرْبى" على القَول الأوَّل: القَرَابة، التي هي بِمَعْنَى الرَّحم، وعلى الثَّاني القَرَابَة، التي هي بِمَعْنَى الأقَارِب، وعلى الثَّالث هي فَعلى مِنْ القُرب والتَّقْرِيب (٣).


(١) التفسير الكبير، مرجع سابق (٢٦/ ٢٠٥).
(٢) انظر: المرجع السابق (٢٤/ ٨٩).
(٣) انظر: المرجع السابق (٢٧/ ١٤١، ١٤٢).

<<  <   >  >>