للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والْمَعْنَى: أثَّر فيَّ الكِبَر فأضْعَفَني، وكَانَت لَه تِسْع وتِسْعُون سَنَة، ولامْرَأته ثَمَان وتِسْعُون (١).

وذَكَرَ ابنُ عطية الْخِلاف بَيْن الْمُفَسِّرِين، فأوْرَد قَول عكرمة والسدي في قَول الشَّيْطان لِزَكَرِيّا عليه السَّلام، ورَجَّح مَا ذَهب إليه ابن جرير، فَقَال: وذَهَب الطَّبَرِي وغَيره إلى أنَّ زَكَرِيَّا لَمَّا رَأى حَال نَفْسِه وحَال امْرَأته، وأنَّهَا لَيْسَت بِحَال نَسْل، سَأل عَنْ الوَجْه الذي بِه يَكُون الغُلام: أتُبَدَّل الْمَرْأة خِلْقَتها، أم كَيف يَكُون؟

واسْتَحْسَن هذا بِقَولِه: وهَذا تَأوِيل حَسَن يَلِيق بِزَكَرِيَّا عَليه السَّلام.

وقَال مَكّي: وقِيل: إنَّمَا سَأل لأنَّه نَسِي دَعَاءه لِطُول الْمُدَّة بَيْن الدُّعَاء والبِشَارَة، وذَلك أرْبَعُون سَنَة.

وضَعَّف ابن عطية هذا بقولِه: وهَذا قَول ضَعِيف الْمَعْنَى (٢).

وكَرَّر هذه الأقْوَال في تَفْسِير سُورَة مَرْيم.

وأوْرَد الرازي في قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ) سُؤالات:

السُّؤال الثَّاني (٣): لَمَّا كَان زَكَرِيّا عَليه السَّلام هُو الذي سَأل الوَلَد ثُم أجَابَه الله تَعالى إليه، فَلِمَ تَعَجَّب مِنه، ولِمَ اسْتَبْعَده؟

الْجَوَاب: لمَ يَكُنْ هَذا الكَلام لأجْل أنّه كَان شَاكًّا في قُدْرَة الله تَعالى عَلى ذلك، والدَّلِيل عَليه وَجْهَان:

الأوَّل: أنَّ كُلّ أحَد يَعْلَم أنَّ خَلْق الوَلَد مِنْ النُّطْفَة إنّمَا كَان عَلى سَبِيل العَادَة.


(١) الكشاف، مرجع سابق (ص ١٧١).
(٢) المحرر الوجيز، مرجع سابق (١/ ٤٣١).
(٣) السُّؤال الأوّل لا عِلاقَة له بِهَذا المبحث.

<<  <   >  >>