للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• في فقرة أخرى خاصة بمغالطة الحجة الشخصية … ذكرت أن «بيكون» أثناء مثوله أمام القضاء لم يدافع عن نفسه بقوله إنه ليس الأول والأخير الذي يقبل هدايا من الطرفين المتنازعين … لكن قال في نهاية دفاعه «ولكن أناشد سيادتكم وحسب أن تأخذكم الرأفة ببوصة منكسرة.» ألم يقع «بيكون» بقوله هنا في مغالطة مناشدة الشفقة؟

- نعم لو أنه أراد بذلك إثبات أي شيء، إنه يقول صراحة: «لا أُبرئ نفسي، إنني لأعترف بأنني مذنب وأرفض كلَّ الدفوع.» الشفقة ليست من جنس الحجة، والشفقة هنا تجول على مستوى مختلف عن مستوى الحجة، فرنسيس بيكون عقل كبير، وهو هنا لا يريد من شيخوخته وضعفه إلا أن يكونا بمثابة ظرفٍ خاص يُراعَى من أجل «تخفيف المسئولية» diminishing responsibility بمصطلح أهل القانون.

• هل هناك ترافق في حدوث بعض المغالطات … مثل مغالطة إغفال المقيدات وسرير بروكرست، التركيب والتقسيم والتعميم المتسرع؟

- لقد وضعت يدك هنا على خاصةٍ أساسية في المغالطات المنطقية، فالحقيقة أن المغالطات جميعًا متداخلة متشابكة، بل متبادلة «متعاوضة» interchangeable في أحيان كثيرة، في كل مغالطةٍ شيءٌ من المغالطات الأخرى! ولا نَنْسَ أن المنطق غير الصوري مبحثٌ حديث ما زال في طور التكوين، وربما يشهد في المستقبل كثيرًا من الصقل والتحسين والتطوير. هناك خلافات كثيرة بين روَّاد هذا المبحث في مسائل كثيرة: هناك مغالطات صورية بحتة (مثل «إثبات التالي» و «إنكار المقدَّم») وهناك مغالطات ليس حجةً أصلًا حتى تكون مغالطة (مثل الاحتكام إلى القوة مثلًا)، إلى غير ذلك من الاشتباهات والالتباسات، غير أن هذا لا ينفي أهمية مبحث المغالطات - حتى في صورته الراهنة الناقصة - في تنبيهنا إلى طرائق خاطئة من التفكير، وحثنا على تجنبِها.

• أحيانًا قد يتضمن تبرير حجة ما تناقضًا في مضمونه … ألَا يُعتَبر الوقوع في التناقض مغالطة منطقية؟

- الوقوع في التناقض خطأ في جميع الأحوال، و «قانون التناقض» law of contradiction (أو عدم التناقض في حقيقة الأمر) من قوانين الفكر الأرسطية الثلاثة، وهي من أسس المنطق الصوري، ولا نَنْسَ أن المنطق الصوري عمومي، وأنه هو المعيار النهائي حتى في مجال المنطق غير الصوري، فنحن في مجال المغالطات المنطقية يكون عملنا أشبه ب «أخذ صورة أشعة» x-raying للحجة المطروحة، تُصوِّر هيكلها الصوري

<<  <   >  >>