ومما يدل على تحريم الطيرة أيضاً وإباحة الفأل: ما رواه عروة بن عامر، قال: ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " أحسنها الفأل، ولا ترد مسلماً، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم: لا
ولهذا الحديث شواهد، منها ما رواه الإمام أحمد "٧٠٤٥ تحقيق شاكر" وابن وهب في الجامع "٦٥٦" ومن طريقه ابن السني "٢٩٢" عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً: " من أرجعته الطيرة عن حاجته فقد أشرك "، قالوا: وما كفارة ذلك يا رسول الله؟ قال: " يقول أحدهم: اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك " وليس عند ابن وهب قوله: "قالوا.. الخ "وسنده حسن. وللنهي عن الطيرة وبيان بطلانها شواهد أخرى كثيرة منها: قوله تعالى عن قوم صالح: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ} "النمل:٤٧"، ففي الآية نفي الطيرة، وإثبات أن ما أصابهم إنما هو بتقدير الله تعالى، ومن قبله، ومنها الحديث السابق، ومنها حديث ابن عباس في السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بلا حساب، وفيه يقول صلى الله عليه وسلم في صفتهم: " هم الذين لا يتطيرون، ولا يكتوون، ولا يسترقون، وعلى ربهم يتوكلون "رواه البخاري "٥٧٥٢" واللفظ له، ومسلم "٢٢٠"، ومنها حديث جابر عند مسلم "٢٢٢٢": "لا عدوى، ولا طيرة، ولا غول"، ومنها ما رواه تمام في فوائده "١٤٤٤"، والبيهقي في شعب الإيمان "١١٧٧" عن أبي الدرداء مرفوعاً: " لن يلجَ الدرجات العلى من الجنة من تَكَهَّن أو تُكُهن له، أو رجع من سفر تطيراً "، وغيرها، وقد ذكر الإمام الطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/٣١١ أن الأحاديث في النهي عن الطيرة متواترة، وينظر المجمع ٥/١٠١-١١٦.