العلوق لكونها زائلاً عن ملك الابن، أورد هذا البيان أن شرط صحة دعوى الجد قيام ولاية التملك له من وقت العلوق إلى وقت الدعوى، وكذلك (٢٨٨أ٤) لو كان الأب نصرانياً، والجد والحافد مسلمين، ثم أسلم الأب والجارية حامل وضعت حملها لأقل من ستة أشهر كانت دعوى الجد باطلة لانعدام ولاية التملك حالة الدعوى بإسلام الأب، وكذلك لو كان الوالد مكاتباً وأدى بدل الكتابة، فعتق قبل دعوى الجد أو كان عبداً، فأعتق قبل دعوى الجد كانت دعوى الجد باطلة لانعدام ولاية التملك له وقت الدعوى.
قال محمد رحمه الله: إذا كان للرجل جارية حبلت في ملكه، وللرجل والد معتوه، وله جد حر مسلم، فولدت الجارية ولداً فادعاه الجد فدعوته جائزة؛ لأن الأب جعل كالمعدوم بسبب العته لعجزه عن التصرف، وظهر ولاية الجد وصحت دعوته، وإن لم يدع الجد الولد حتى أفاق الأب لا تصح دعوى الجد بعد ذلك لانعدام ولاية الجد وقت الدعوى، وإن لم يدع الولد الجد بعدما أفاق الأب وإنما ادعاه الأب بعدما أفاق؛ القياس: أن لا تصح دعوته، وفي الاستحسان: تصح دعوته،
وجه القياس في ذلك ما مر: أن شرط صحة دعوى الأب قيام حق التملك وقت الدعوى، وههنا لم يكن للأب ولاية التملك وقت الدعوى لكونه معتوهاً، فانعدم شرط صحة الدعوى. وجه الاستحسان في ذلك: الولاية كانت قائمة وقت العلوق، فإن العته لا ينافي الولاية، ولهذا يستوجب نفقته على ولده، والإرث طريقه طريق الولاية، ولهذا ما ينفي الولاية كالرق، واختلاف الدين يمنع الإرث، فكان من هذا الوجه بمنزلة العتق، إلا أنه بمنزلة العبد من وجه؛ لأنه عاجز عن التملك كما أن العبد عاجز، إلا أن عجز المعتوه لفساد عبارته، وعجز العبد لكونه غير أهل لملك المال، أما فيما يرجع إلى العجز فهما سواء، ولو كان بمنزلة العتق من كل وجه بأن كان له ولاية التملك، ويكون قادراً على التملك صحت دعوته ولا تصح دعوى الجد.
ولو كان بمنزلة العبد من كل وجه بأن لم يكن من أهل التملك أصلاً لا تصح دعوته وتصح دعوى الجد، فإذا كان بينهما فمن حيث إنه معتوه تصح دعوته بعد إفاقته وإن كان علوق الولد قبل إفاقته، ومن حيث إنه بمنزلة العبد صحت دعوى الجد قبل إفاقته توفراً على الشبهين حطهما.
وجه آخر للاستحسان: إن العته والجنون إنما ينافي الأهلية والولاية في كل باب إذا كان مستغرقاً مدة ذلك الحكم، فأما إذا لم يستغرقه، فهو ملحق بالنوم والإغماء، ألا ترى أنه لا يعمل في الزكاة حتى يستغرق الحول، ولا يمنع الصوم حتى يستغرق الشهر، ولا يمنع الصلاة حتى يزيد على خمس صلوات، وههنا مدة هذا الحكم من حين العلوق إلى حين الدعوى، ولم يوجد امتداد العته في هذه المدة، فصار ذلك بمنزلة النوم.
جئنا إلى بيان دعوى الاستيلاد فنقول: دعوى الاستيلاد أن يكون ابتداء العلوق في ملك المدعي، وشرط صحتها في المحل قيام الملك في المحل وقت الدعوى ليس بشرط لصحة الدعوى عند علمائنا الثلاثة، حتى إن من باع جارية وولدت في يد المشتري لأقل