الصغير لن تزول ببلوغه عن عقل، وما ثبت من الولاية لحاجة نفسه يبقى بعد البلوغ بطريق ثبوت الولاية للأب في ملك جارية الابن لحاجة الاستيلاد ما ذكرنا.
إذا ثبت هذا فنقول: ما دام الأب حياً حقيقةً واعتباراً فليس للجد ولاية التصرف في مال حافده وإن كان صغيراً، فلا يثبت له تملك جارية حافده لحاجة الاستيلاد، فلو صحت دعواه لصحت دعوته باعتبار مجرد تأويل الملك، ولا وجه إليه لما ذكرنا أن دعوى الأب صحت باعتبار تأويل الملك، وباعتبار ولاية التملك لحاجة الاستيلاد، ففي الجد يجب أن يكون كذلك.
فإن كان الولد نصرانياً والجد والحافد مسلمين، أو كان الأب عبداً أو مكاتباً والجد والحافد حرين صحت دعوى الجد؛ لأن للجد ولاية تملك مال حافده لحاجة الاستيلاد في هذه الصورة؛ لأن الأب في حكم الميت في هذه الصورة، ألا ترى أنه تزول ولايته عن المال بالكفر والرق كما تزول بالموت، ولو مات الأب حقيقة ثبت للجد ولاية تملك مال حافده لحاجة الاستيلاد، ويصح دعوى ولد جارية حافده كذا ههنا. والدليل عليه: أن زوال ولاية الأب بالكفر والرق تعتبر بزوال ولايته بالموت في حق الجد في حق ثبوت ولاية التصرف في مال الصغير، وفي حق تملك مال الصغير بالنفقة وبالبيع، حتى لو باع مال حافده من نفسه يجوز، فكذا في حق التملك لحاجة الاستيلاد.
ولو كان الأب مرتداً والجد والحافد مسلمين، فدعوى الجد موقوفة عند أبي حنيفة ومحمد: إن أسلم الأب بطلت دعوته، وإن مات أو قتل على الردة صحت دعوته، وعلى قول أبي يوسف ومحمد: دعوى الجد باطلة، وهذا لأن لدعوى الجد صحة وبطلاناً ينبني على ولاية الأب، ونفاذ ولاية الأب موقوفة عند أبي حنيفة فكذا دعوى الجد موقوفة، وعندهما ولاية الأب باقية بلا توقف، فدعوى الجد تكون باطلة بلا توقف أيضاً.
فإن قيل: على قولها يجب أن تتوقف دعوى الجد أيضاً؛ لأن التمليك بالاستيلاد تصرف في مال الابن، وولاية المرتد في مال ولده موقوفة عند الكل، نص عليه محمد في كتاب الوكالة، إنما الخلاف فيما يتصرف المرتد في مال نفسه، فتكون دعوى الجد موقوفة ضرورة. والجواب عن هذا أن يقال: بأن ولاية التملك بالاستيلاد نظير ولايتة على نفسه؛ لأنها إنما تثبت حقاً له، ولهذا لا تزول بالبلوغ عن عقل، وكان نظير الولاية في ماله لا في مال الابن وفي توقف ولايته في ماله اختلاف، وكان بطلان دعوى الجد عندهما صحيح.
ولو كانوا جميعاً أحراراً مسلمين، ثم مات الأب، فادعاه الجد لم تصح دعوته لما ذكرنا أن من شرط صحة دعوى الجد قيام ولاية التملك له من وقت العلوق إلى وقت الدعوى، وقد انعدمت ولاية التملك للجد وقت البلوغ حقيقة واعتباراً لكون الأب حياً وقت العلوق حقيقة.
استشهد في «الكتاب» فقال: ألا ترى أن رجلاً لو اشترى جارية حاملاً، فوضعت عنده لستة أشهر، فادعاه والد المشتري لم تصح دعوته لانعدام ولاية التملك له وقت