للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ستة أشهر من وقت البيع، فادعى البائع الولد صحت دعوته استحساناً لما نبين بعد هذا إن شاء الله تعالى.

جئنا إلى بيان دعوى التحرير، فنقول: دعوى التحرير أن لا يكون العلوق في ملك المدعي، وشرط صحتها قيام الملك للمدعي في المحل وقت الدعوى.

جئنا إلى المسائل؛ قال محمد رحمه الله في «الأصل» : وإذا باع الرجل جارية من غيره، وولدت عند المشتري ولداً، فادعاه البائع (أن المشتري) ، فهذه المسألة على ثلاثة أوجه:

الأول: إذا جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر من وقت البيع وقد علم ذلك، والحكم: أنه إذا ادعاه البائع صحت دعوته، صدقه المشتري أو كذبه؛ حتى يثبت نسب الولد منه وصارت الجارية أم ولد له، وانتقض البيع ورد الثمن على المشتري إن كان نقد الثمن، وهذا استحسان أخذ به علماؤنا الثلاثة رحمهم الله.

والقياس: أن لا تصح دعوى البائع إذا كذبه المشتري، وبه أخذ زفر.

وجه القياس في ذلك: أن البائع في الدعوى متناقض ساع في نقض ما تم به وهو البيع، فلا يقبل قوله، كما لو قال: كنت أعتقتها أو دبرتها قبل البيع.

بيانه: أن إقدامه على البيع إقرار منه أنها ليست بأم ولد له، فيصير بدعوى أمية الولد بعد ذلك متناقضاً.

وجه الاستحسان في ذلك: أنا تيقنا بحصول العلوق في ملك البائع، لأن أدنى مدة الحبل ستة أشهر، فإذا جاءت بالولد لأقل من ذلك وقد تيقنا بحصول العلوق قبل البيع، واتصال العلوق بملك الإنسان ينزل منزلة البينة في إبطال حق الغير عليها، ألا ترى أن جارية المريض إذا جاءت بولد في ملكه وادعى نسبه ينزل ذلك منزلة البينة في حق إبطال حق الغرماء والورثة عنها وعن ولدها وهذا لأن بحصول العلوق في ملكه ثبت له حق استحقاق النسب بالدعوى، وذلك لا يحتمل الإبطال فلا يبطل بالبيع، وما يقول بأنه متناقض قلنا: نعم، ولكن طريقه طريقة الخفاء فإن الإنسان قد لا يعلم بالعلوق أصلاً، ولا يعلم أن العلوق منه، لم يعلم بعد ذلك، والتناقض في مثل هذا عفو، ومثل هذا الخفاء لا يمكن تصويره في دعوى الإعتاق والتدبير، فإن ادعى المشتري الولد بعد ذلك، فعلى طريق الاستحسان لما صحت دعوى البائع، لا تصح دعوى المشتري، وعلى طريق القياس لما لم تصح دعوة البائع لا تصح دعوة المشتري.

هذا الذي ذكرنا إذا ادعاه البائع وحده، وإن ادعاه المشتري وحده صحت دعوته أيضاً، وثبت النسب منه، وصارت الجارية أم ولد له فكانت دعوى المشتري دعوى تحرير، لأن العلوق لم يتصل بملكه حتى كان للمشتري ولاء على الولد كما لو أعتقه المشتري، والمشتري يصح منه تحرير الولد؛ لأنه ملكه فيصح منه التحرير أيضاً، وإذا صحت دعوى المشتري، وثبت النسب منه يحمل أمره على جهة يثبت به النسب من نكاح جائز أو فاسد لا على وجه الزنا، وإذا صحت دعوى المشتري لا تصح دعوى البائع بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>