تكون الجارية محل النقل من ملك إلى ملك؛ لأن الأب يمتلك جارية الابن سابقاً على أصل الوطء لما نبين بعد هذا، ولا بد للتملك من كون المحل قابلاً للنقل من ملك إلى ملك وإنما شرطنا أن يكون له ولاية التملك من وقت العلوق إلى وقت الدعوى؛ لأن دعوة الأب متى صحت استندت إلى وقت العلوق، وإنما يمكن القول بالإسناد إلى وقت العلوق إذا كان له ولاية التملك، من وقت العلوق إلى وقت الدعوى، أما بدون ذلك فلا إمكان، فلا تصح دعوته.
إذا عرفنا هذه الجملة فنقول: إذا ولدت أمة الرجل ولداً وادعى أبو الرجل الولد صحت دعوته صدقه الابن في ذلك أو كذبه، أما إذا صدقه فظاهر، وأما إذا كذبه؛ فلأن علوق الولد اتصل بتأويل ملكه لأن للأب تأويل الملك في مال ولده، قال عليه السلام:«أنت ومالك لأبيك» ، ولهذا لو وطء جارية ابنه وقال: علمت أنها حرام عليَّ لا حد عليه، ولو اتصل العلوق بحقيقة ملكه كان مصدقاً في الدعوى وكان اتصال العلوق بملكه بمنزلة البينة العادلة في إبطال الملك على الملك بغير رضاه فكذا إذا اتصل العلوق تأويل الملك، وإذا صحت الدعوى صارت الجارية أم ولد له، وضمن الأب قيمة الجارية، لأنه يملك الجارية على الأب لأن الشرع أثبت له ولاية تملك مال الابن عند الحاجة، ولهذا كان له أن يأكل طعام الابن وأن يلبس ثيابه عند حاجته إلى ذلك، وقد مست الحاجة ههنا إلى التملك، لأنه احتاج إلى ثبات نسب الولد منه، بعدما أعلقها بولده إلا أن هذه الحاجة دون الحاجة إلى المأكول والملبوس؛ لأن الحياة المتعلقة بالمأكول والملبوس حياة حقيقية، والحياة المتعلقة بالولد حياة معنوية فلوجود أصل الحاجة أثبتنا ولاية التملك ولانعدام كمالها أثبتنا ولاية التملك بالقيمة لتظهر رتبة هذه الحياة عن رتبة تلك الحاجة ولا عقر على الأب عندنا، لأن تملكها سابق على الوطء.
بيانه: أن التملك باعتبار الحاجة إلى ثبات النسب منه، وثبات النسب وإن كان وقت العلوق إلا أن الوطء قائم مقام العلوق، فيجب تقديم الملك على الوطء ليثبت نسب الولد منه، فيتبين أنه وطء ملك نفسه، وليس كما يعلقها لأن هناك لم يمتلك الجارية؛ لأن ولاية التملك عند الإعلاق باعتبار الحاجة إلى ثبات نسب الولد منه، وقد انعدمت هذه الحاجة إذا لم يعلقها.
وليس كالأمة المشتركة بين رجلين إذا استولدها أحدهما هناك؛ لأن الوطء في نصف الشريك حصل قبل الملك؛ بيانه أن تملك نصيب الشريك هناك وقع بعد الوطء لا قبله، لأن التملك قبل الوطء في مسألتنا باعتبار الحاجة إلى ثبات نسب الولد، وثمة نسب الولد ثابت باعتبار ما له من الملك في نصيبه، ألا ترى أن الجارية المشتركة إذا كانت مدبرة واستولدها أحدهما صح استيلاده، وأن يمتلك نصيب صاحبه، أما ههنا مست