للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولهما، أما على قول أبي حنيفة لا ضمان على المقر؛ لأنه لا تقوم لمالية أم الولد عند أبي حنيفة، فلا يضمن بالاحتباس عنده، ولا عقر للمقر له على المقر لأنه ما أقر بالوطء إلا بحكم النكاح وإنه لا يوجب العقر، وأشار في «الكتاب» إلى فرق آخر، فقال: بأن القاضي لما قضى بكونها أم ولد للمقر فقد قضى بأن المقر وطء ملك نفسه، وهذا إشارة إلى أنه لا يلزمه المهر أيضاً بخلاف المسألة التي تقدم ذكرها؛ لأن هناك القاضي قضى بكونها أم ولد للمقر بعد إذ كانت مشتركة بينهما ظاهراً، فكان ذلك قضاء باستيلاد الجارية المشتركة، وإنه يوجب العقر إنما ههنا بخلافه على ما بينا.

وإن كذبتهما فلم يقض القاضي بشيء حتى ماتت توقف أم الولد حتى يكبر بخلاف ما إذا لم يكذبهما، ولم يصدقهما حتى ماتت، فإنه يقضي بولدها للمقر له، والفرق أنها إذا لم يصدقها ولم يكذب لم يوجد ما يوجب سقوط اعتبار يد المقر، فإذا ماتت والولد في يد المقر يعتبر قوله فيه، فأما إذا كذبت المقر، فقد سقط اعتبار يده؛ لأن تكذيبها كتكذيبه، وهو يعبر عن نفسه فلا يحكم برقه باعتبار يده، إلا أنه يحتمل أن يعقل الغلام فيصدق المقر، والتصديق بعد التكذيب يعتبر، فلهذا يوقف أمره.

فإن كبر وصدق المقر فيما أقر كان عبداً للمقر له، وأمه أم الولد للمقر له، وإن مضى على التكذيب جعله القاضي حراً من جهة المقر، وأمه أم ولد للمقر، وإن كانت الأم حية والغلام يعبر عن نفسه فصدقت الأم المقر وكذبه الغلام، فالغلام حر والجارية أم ولد للمقر؛ لأن تكذيب الولد قد صح بكونه من أهله، ومع صحة تكذيب الولد لا يعتبر بتصديق الأم لأن الولد أصل في هذا الباب، والأم تبع على ما عرف.

قال: وكذلك إن كذبت الأم وصدقه الغلام في جميع ما وصفت لك ولم يفسر لذلك تفسير، فمن مشايخنا من قال: تفسيره أن تصديق الولد أولى حتى كانا رقيقين للمقر له؛ لأن تصديق الولد قد صح لكونه من أهله، ولا يعتبر تكذيب الأم مع تصديقه لما قلنا، ومنهم من قال: تفسيره أن تكذيب الأم أولى حتى كان الولد حراً والجارية أم ولد للمقر، كما لو كذب الغلام، ألا ترى إلى قوله في «الكتاب» ، وكذلك لو كذبت الأم المقر، وصدقه الغلام وإنما يستقيم ذلك كذلك إذا كان الجواب في الفصلين متحداً، وهذا لأن قول كل واحد منهما صحيح معتبر بانفراده، فعند التعارض يرجح قول من يوجب الحرية على من يوجب إبطالها.

نوع آخر في بيان أنواع دعوى الرجل نسب الولد

فنقول: الدعوى في النسب لا تخلو من ثلاثة أوجه: دعوى استيلاد، ودعوى تحرير، ودعوى الأب ولد جارية أبيه، ومن يقوم مقام الأب كأب الأب حال عدم الأب حقيقة واعتباراً.

أما دعوى الأب ولد جارية أبيه فظاهر، وشرط صحتها: أن يكون للأب تأويل ملك في جارية أبيه من وقت العلوق إلى وقت الدعوى، وولاية التملك أيضاً من وقت العلوق إلى وقت الدعوى، وأن تكون الجارية محلاً ينقل من ملك إلى ملك، وإنما شرطنا أن

<<  <  ج: ص:  >  >>