بفوات ذلك الجزء، ومن جهته فصار ميراثاً للمدعي عن فضل قيمتها فيه على قيمتها مدبرة، من مشايخنا من قال هذا قولهما.
أما على قول أبي حنيفة: لا يضمن المقر للمقر له شيئاً، لأن أم ولد الولد غير متقوم عنده، وقيل لا بل هو قولهم جميعاً؛ لأن أمية الولد من جهة المقر له لم يثبت في الحكم، لأنها أم ولد للمقر في الحكم فصار متملكاً نصيبه، والتملك لا يكون مجاناً، لكن يضمن قيمتها أم ولد لما قلنا، والأول أشبه وأقرب الى الصواب، لأن إقرار المقر له بالاستيلاد قبل ذلك إبراء المقر عن الضمان أصلاً، لأن الاستيلاد يمنع التملك بعد ذلك، ولو وجب الضمان ههنا لوجب بالتملك، فإن اكتسبت الجارية إكساباً، أو قتلت هي أو ولدها، فذلك كله للمقر؛ لأنها أم ولد المقر والولد ابن المقر في الحكم، فلهذا قال: كل ذلك للمقر. ولو قال هذا المدعي للشريك: كنت أعتقتها أنت قبل هذا، وصدقه الشريك في ذلك، فالأمة تعتق لأن المقرر أقر بعتقها، وهو مالك الإقرار بعتقها، ولا ضمان على المقر في نصف قيمتها، ولا في نصف عقرها بخلاف فصل الاستيلاد عندهما.
والفرق: أن الإقرار بالعتق قبل ذلك إقرار ببراءة المقر عن الضمان؛ لأن العتق ينافي ضمانها أصلاً، وهو يملك إنشاء الإبراء، فيصح الإقرار به، أما الإقرار بالاستيلاد ليس بإقرار ببراءته عن الضمان أصلاً؛ لأن الاستيلاد لا ينافي الضمان عندهما، على ما عرف في تلك المسألة، فلهذا افترقا.
رجل في يديه أمة فوطئها، وولدت منه ولداً فادعى ولدها ثم قال: كانت هي أم ولد فلان فزوجنيها فولدت لي هذا الولد، وصدقه فلان في ذلك، فإن صدقتهما الأمة في ذلك أو كذبتها ولكن رجعت الى تصديقها قبل قضاء القاضي بكونها أم ولد للمقر فهي أم ولد للمقر، ويكون حكم ولدها كحكمها، فيعتقان إذا مات المقر له؛ لأن تصديقها في حق نفسها صحيح، وكذلك في حق الولد لأنها في يدها، وإنه لا يعبر عن نفسه، فصار كثوب أو دابة في يدها، فإن كبر الولد بعد ذلك وكذبها فيما أقرت، لم يلتفت الى تكذيبه، لأن إقرار الجارية قد نفذ عليه حين كان في يدها (٢٢٧أ٤) صغيراً لايعبر عن نفسه، فلا يتغير ذلك لصيرورته كبيراً معبراً عن نفسه كما قلنا في الملتقط إذا ادعى نسب اللقيط، ثم كبر اللقيط وكذبه لا يلتفت إلى تكذيبه، وطريقه ما قلنا، ولو لم تصدقه الجارية المقر ولم تكذبه حتى ماتت صدق المقر والمقر له؛ حتى كان الولد عبداً للمقر له؛ لأنا إنما كنا لا نصدقهما حال حياة الجارية لحق الجارية، وقد زال حقها، ولا يعتبر بحق الصغير؛ لأنه لا يعبر عن نفسه، وهو في يد المقر، فصار كثوب أو دابة في يده فيصح إقراره بالملك فيه للمقر، فإن كبر الولد وأنكر أن يكون عبداً للمقر له لم يلتفت إلى إنكاره لما قلنا.
وإن كذبتهما الأمة، وثبتت على ذلك، فالقاضي يجعلها أم ولد للمقر؛ لأن أمية الولد للجارية، ونسب الولد وحرمته ثابتة من جهة المقر بناءً على الظاهر، فالمقر بقوله: إن الولد من نكاح يريد إبطال ذلك فلا يصدق عليه وعلى المقر قيمتها أم ولد للمقر له؛ لأن المقر أقر بكونها أم ولد للمقر له، وقد احتبست عنده بقضاء القاضي قيل: هذا على