وأبي عثمان سعد بن معاذ المروزي وأبي بكر الأعمش رحمهم الله، وعلى قول أبي عثمان سعد بن مزاحم السمرقندي رحمه الله أمرُها على أول المرتين الآخرتين، وهو قول أبي يعقوب الغزالي وأبي سهل الغزالي وأبيه أبي نصر رحمهم الله.
وثمرة الخلاف لا تظهر في هذه الصورة التي ذكرها، فإن أوسط الأعداد في هذه الصورة أربعة وستة عشر. وأقل المرتين الآخرتين أيضاً أربعة وستة عشر، وإنما تظهر ثمرة الخلاف عند قلب هذه الصورة بأن كانت رأت خمسة دماً وتسعة عشر يوماً طهراً ثم رأت أربعة دماً وستة عشر يوماً طهراً ثم رأت ثلاثة دماً وخمسة عشر يوماً طهراً، فعلى قول من يقول بأوسط الأعداد تقعد من ابتداء الاستمرار أربعة وتصلي ستة عشر وذلك دأبها، وعلى قول من يقول بأقل المرتين الآخرتين تقعد من ابتداء الاستمرار ثلاثة وتصلي خمسة عشر.
وجه قول من قال بأوسط الأعداد: أن الوسط هو العدل لأن له حظاً من الجانبين وتأكد ذلك بالأثر قال عليه السلام: «خير الأمور أوساطها» فكان اعتباره أولى، وجه قول من قال بأقل المرتين الآخرتين تأكد التكرار لوجود الأقل من الأكثر، فكان اعتباره عادة لها من زمان الاستمرار أولى، والفتوى على هذا لأنه أيسر على النساء، وعلى المفتين، فإن على قول من يقول بأقل المرتين الآخرتين يحتاج إلى حفظ عددين ولا شك أن حفظ عددين أيسر من حفظ ثلاثة أعداد، ويجب أن يكون مبنى الحيض على السعة واليسر لأنه يتعلق بالنساء، وفي عقلهن نوع نقصان، ألا ترى أن مشايخنا أفتوا وأجازوا قول أبي يوسف رحمه الله في انتقال العادة برؤية المخالف لأنه أيسر عليهن.
وسيأتي بيان ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
وعلى هذا الاختلاف صاحبة العادة إذا اختلفت أيامها في الحيض والطهر ثم استمر بها الدم فعلى قول محمد بن إبراهيم ينظر إلى أوسط الأعداد الثلاثة في آخر الطهر والحيض، وعلى قول أبي عثمان ينظر إلى أقل المرتين الآخرتين، وسيأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى وكان الشيخ الإمام الزاهد فخر الإسلام على البزدوي رحمه الله يفتي بأوسط الأعداد إذا كانت المرأة تذكرها وإن لم تذكرها فبأقل المرتين الآخرتين إذا ذكرتهما، وإن لم تذكرهما فبالأخيرة أخذاً بقول أبي يوسف رحمه الله في انتقاض العادة بمرّة على ما يأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى.
الوجه الرابع: إذا رأت دمين متفقين وطهرين متفقين، ثم إذا رأت بعد ذلك مخالف لهما بأن رأت ثلاثة دماً وخمسة عشر يوماً طهراً ثم رأت ثلاثة دماً وخمسة عشر يوماً طهراً ثم رأت أربعة دماً وستة عشر يوماً طهراً ثم استمر بها الدم، وفي هذا الوجه على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تصلي من أول الاستمرار بستة عشر لأن عندهما العادة لا تنتقل