برؤية المخالف فيجب البناء على تلك العادة فإذا رأت أربعة دماً فثلاثة من ذلك من حساب حيضها واليوم الرابع من حساب طهرها، فإذا رأت بعد ذلك ستة عشر يوماً طهراً وأربعة عشر من ذلك تمام طهرها ويومان من حساب حيضها ولم تر هي فيهما دماً فلا يمكن اعتباره حيضاً فجاء الاستمرار وقد بقي من حيضها يوم، ولا يمكن اعتبار يوم واحد حيضاً فتصلي هي إلى موضع حيضها الثاني وذلك ستة عشر يوماً ثم تقعد ثلاثة وتصلي خمسة عشر، وذلك دأبها.
وعلى قول أبي يوسف رحمه الله: العادة تنتقل برؤية المخالف مرة وهو المختار للفتوى فتقعد من أول الاستمرار أربعة وتصلي ستة عشر وذلك دأبها.
الوجه الخامس: أن ترى دمين متفقين وطهرين متفقين وبينهما ما يخالفهما بأن رأت ثلاثة دماً وخمسة عشر يوماً طهراً. ثم رأت أربعة دماً وستة عشر يوماً طهراً ثم رأت ثلاثة دماً وخمسة عشر يوماً طهراً ثم استمر بها الدم، وفي هذا الوجه تقعد من أول الاستمرار ثلاثة وتصلي خمسة عشر، ويكون ذلك عادة جميلة لها، وإنما سميت هذا عادة جميلة لأنه تكرر على الاتفاق لكنها صحت لتخلل المخالف فسميت جميلة لهذا. أو قيل: إنما سميت هذا عادة جميلة لأنها لو رأت المتفقين على الولاء كان ذلك عادة أصلية لها. وإذا كان بينها ما يخالفهما يجعل ذلك عادة لها على معنى أن يعتبر ما رأته آخراً كالمضمومة إلى ما رأته أولاً لما بينهما من الموافقة فتتأكد هي بالتكرار ويصير عادة لها في زمان الاستمرار، وتغيير العادة الجعلية وأحكامها يأتي بعد هذا على سبيل الاستقصاء إن شاء الله.
وهذا التكلف إنما يحتاج إليه لتخريج المسألة على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله لا على قول أبي يوسف رحمه الله لأن على قوله: العادة تنتقل برؤية المخالف مرة، فحين رأت أول مرة ثلاثة وخمسة عشر صار ذلك عادة أصلية لها. فإذا رأت بعد ذلك أربعة وستة عشر صار ذلك عادة أصلية لها، فإذا رأت بعد ذلك ثلاثة وخمسة عشر صار ذلك عادة أصلية يبنى عليها في زمان الاستمرار.
هذا الذي ذكرنا إذا ابتدأت وبلغت بالحيض، فأما إذا ابتدأت وبلغت بالحبل وقد يكون ذلك بأن حبلت من زوجها قبل أن تحيض فيكون بلوغها بالحبل فولدت (واستمر) بها الدم فنفاسها أربعون يوماً عندنا، وعند الشافعي ساعة وهو يعتبر أقل النفاس لكونه منتفعاً به.
ونحن نعتبر أكثرها للإمكان لأنها مبتدأة في حق النفاس، ألا ترى أن في المبتدأة بالحيض اعتبرنا أكثر الحيض وهي عشرة إذا استمر بها الدم لوجود الإمكان، فكذا في حق النفاس ولأن الصلاة قد تسقط عنها برؤية دم النفاس بيقين فلا يرتفع السقوط إلا بيقين مثله قبل الأربعين وبعد الأربعين يجعل عشرون يوماً طهراً لأنه لا يتوالى نفاس وحيض لا طهر بينهما كما لا يتوالى حيضان لا طهر بينهما، وإنما قدرنا الطهر بالعشرين في حقها لأن العشرة الأخيرة من النفاس استحق العشرة الأولى من الشهر الثاني. ولو صارت العشرة من الشهر مستحقة بالحيض كما (٣٥ب١) في المبتدأة بالحيض إذا استمر بها الدم كان الباقي من الشهر وذلك عشرون طهراً فلذا إذا استحقت بالنفاس لأن النفاس نظير