للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُمْ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْعُمُومِ لَمَا كَانَ قَوْلُ الْقَائِلِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَوْحِيدًا، قُلْنَا: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقِيقَةً فِي الْعُمُومِ فَلَا يَمْتَنِعُ إِرَادَةُ الْعُمُومِ بِهَا.

وَعَلَى هَذَا فَمَهْمَا لَمْ يُرِدِ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا الْعُمُومَ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ تَوْحِيدًا، وَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ كَانَ تَوْحِيدًا، لَكِنْ لَا يَكُونُ الْعُمُومُ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ اللَّفْظِ، بَلْ مِنْ قَرِينَةِ حَالِ الْمُتَكَلِّمِ الدَّالَّةِ عَلَى إِرَادَةِ التَّوْحِيدِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْحُكْمُ أَيْضًا فِيمَا إِذَا قَالَ: مَا فِي الدَّارِ مِنْ رَجُلٍ، وَقَوْلُ أَهْلِ الْأَدَبِ: إِنَّهَا لِلْعُمُومِ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى عُمُومِ الصَّلَاحِيَّةِ دُونَ الْوُجُوبِ (١) .

قَوْلُهُمْ فِي الْإِضَافَةِ: إِذَا قَالَ: أَعْتَقْتُ عَبِيدِي وَإِمَائِي ثُمَّ مَاتَ جَازَ لِمَنْ سَمِعَهُ أَنْ يُزَوِّجَ مَنْ شَاءَ مِنَ الْعَبِيدِ دُونَ رِضَى الْوَرَثَةِ.

قُلْنَا: وَلَوْ قَالَ: أَنْفَقْتُ دَرَاهِمِي، وَصَرَمْتُ نَخِيلِي، وَضَرَبْتُ عَبِيدِي، فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ كَاذِبًا بِتَقْدِيرِ عَدَمِ إِنْفَاقِ بَعْضِ دَرَاهِمِهِ وَعَدَمِ صَرْمِ بَعْضِ نَخِيلِهِ وَعَدَمِ ضَرْبِ بَعْضِ عَبِيدِهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لِلْعُمُومِ لَكَانَ كَاذِبًا، وَلَيْسَ صَرْفُ ذَلِكَ إِلَى الْقَرِينَةِ (٢) أَوْلَى مِنْ صَرْفِ مَا ذَكَرُوهُ إِلَى الْقَرِينَةِ، وَهُوَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: الْعَبِيدُ الَّذِينَ فِي يَدِي لِفُلَانٍ.

وَمَا ذَكَرُوهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَعْمِيمِ اسْمِ الْجِنْسِ إِذَا دَخَلَهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ.

أَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ مِنْهُ قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنْ فَائِدَةٍ، قُلْنَا: يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ فَائِدَتُهَا تَعْرِيفُ الْمَعْهُودِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَعْهُودٌ، فَالتَّرَدُّدُ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ عَلَى السَّوِيَّةِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ دُخُولِهَا (٣) .


(١) هَذَا خِلَافُ مَا ظَهَرَ مِنَ الصِّيغَةِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ أَهْلِ الْأَدَبِ فِيهَا
(٢) الظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ الْعُمُومُ وَقَدْ يُرَادُ بِهَا الْخُصُوصُ بِقَرِينَةِ الْعُرْفِ، وَإِذَنْ لَا تَكُونُ كَاذِبَةً بِالْخُلْفِ، وَقَدْ عُرِفَ بِالِاسْتِقْرَاءِ تَأْثِيرُ الْعُرْفِ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ، وَبِنَاءُ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ
(٣) يُقَالُ إِنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَهْدٌ، وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً عَلَى إِرَادَةِ الْعَهْدِ، وَدَعْوَى أَنَّ الْفَائِدَةَ هِيَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ عَلَى السَّوِيَّةِ تُنَاقِضُ الْمَقْصِدَ الْأَوَّلَ مِنْ وَضْعِ اللُّغَاتِ، وَهُوَ الْإِفْهَامُ لَا الْإِبْهَامُ وَإِيقَاعُ السَّامِعِ أَوِ الْقَارِئِ فِي شَكٍّ وَحَيْرَةٍ، فَتَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ الْفَائِدَةُ الدَّلَالَةَ عَلَى الْعُمُومِ ظَاهِرًا أَوْ نَصًّا، وَانْظُرْ مَا يَدُورُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْآمِدِيِّ فِي الرَّدِّ عَلَى شُبَهِ الْقَائِلِينَ بِالْخُصُوصِ

<<  <  ج: ص:  >  >>