للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: وَإِنْ بَيَّنَ بِهِ مُرَادَهُ مِنْ لَفْظِهِ لَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ تَأْكِيدًا لِمَا أَرَادَهُ مِنَ الْعُمُومِ، فَإِنَّ لَفْظَهُ صَالِحٌ لَهُ (١) .

قَوْلُهُمْ فِي الْجَمْعِ الْمُعَرَّفِ: إِنَّ كَثْرَةَ الْجَمْعِ الْمُعَرَّفِ تَزِيدُ عَلَى كَثْرَةِ الْمُنَكَّرِ، قُلْنَا: مَتَى إِذَا أُرِيدَ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ أَوْ إِذَا لَمْ يُرَدْ بِهِ ذَلِكَ؟ الْأَوَّلُ مُسَلَّمٌ وَالثَّانِي مَمْنُوعٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ صَالِحًا لِلِاسْتِغْرَاقِ أَنْ يَكُونَ مُتَعَيَّنًا لَهُ، بَلْ غَايَتُهُ أَنَّهُ إِذَا قَالَ: رَأَيْتُ رِجَالًا مِنَ الرِّجَالِ كَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً صَارِفَةً لِلْجَمْعِ الْمُعَرَّفِ إِلَى الِاسْتِغْرَاقِ.

قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ يَصِحُّ تَأْكِيدُهُ بِمَا يُفِيدُ الِاسْتِغْرَاقَ، قُلْنَا: ذَلِكَ يَسْتَدْعِي كَوْنَ الْمُؤَكَّدِ صَالِحًا لِلْعُمُومِ وَالدَّلَالَةِ عَلَى الْعُمُومِ عِنْدَ التَّأْكِيدِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مُتَعَيَّنًا بِوَضْعِهِ لِلْعُمُومِ (٢) .

قَوْلُهُمْ فِي تَعْمِيمِ النَّكِرَةِ الْمَنْفِيَّةِ: لَوْ قَالَ: لَا رَجُلَ فِي الدَّارِ، فَإِنَّهُ يُعَدُّ كَاذِبًا بِتَقْدِيرِ رُؤْيَتِهِ لِرَجُلٍ مَا، قُلْنَا: إِنَّمَا عُدَّ كَاذِبًا بِذَلِكَ، لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا رَجُلَ فِي الدَّارِ إِنَّمَا يَنْفِي حَقِيقَةَ رَجُلٍ فِي الدَّارِ، فَإِذَا وُجِدَ رَجُلٌ فِي الدَّارِ كَانَ كَاذِبًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومُ فِي طَرَفِ النَّفْيِ إِذْ هُوَ نَفْيُ مَا لَيْسَ بِعَامٍّ (٣) .

قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ يَحْسُنُ الِاسْتِثْنَاءُ سَبَقَ جَوَابُهُ (٤) .

قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ يَصِحُّ تَكْذِيبُهُ بِأَنَّكَ رَأَيْتَ رَجُلًا، قُلْنَا: سَبَقَ جَوَابُهُ أَيْضًا (٥) .


(١) بَلْ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ تَوْكِيدًا، فَإِنَّ الْبَيَانَ يَكُونُ لِمُجْمَلِ مَا اسْتَوَى فِيهِ الِاحْتِمَالَاتُ، وَالتَّوْكِيدُ يَكُونُ لِمَا وَضَحَ مِنْهَا
(٢) مَتَى سُلِّمَ صِحَّةُ تَوْكِيدِهِ بِمَا يُفِيدُ الِاسْتِغْرَاقَ وَجَبَ أَنْ يُسَلَّمَ ظُهُورُهُ فِي الْعُمُومِ وَضْعًا وَدَلَالَةً لَا صَلَاحِيَتُهُ لَهُ فَقَطْ، وَإِلَّا سُمِّيَ التَّابِعُ بَيَانًا لِلْمُرَادِ لَا تَوْكِيدًا
(٣) مَا ذَكَرَهُ تَقْرِيرٌ لِإِفَادَةِ هَذِهِ الصِّيَغِ لِلْعُمُومِ وَبَيَانٌ لِطَرِيقِ إِفَادَتِهَا لَهُ، فَإِنَّ نَفْيَ حَقِيقَةِ رَجُلٍ فِي الدَّارِ بِوُجُودِهِ فِيهَا، وَبِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ الْعُمُومُ فِي طُرُقِ النَّفْيِ وَالتَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ إِذْ هُوَ نَفِيٌ لِمَا لَيْسَ بِعَامٍّ قَلْبٌ لِلْحَقَائِقِ، فَإِنَّهُ نَفْيٌ لِمَا هُوَ عَامٌّ عُمُومًا بِدَلِيلٍ فَيُفِيدُ الْعُمُومَ ظَاهِرًا أَوْ قَطْعًا بِخِلَافِ نَفْيِ مَا هُوَ عَامٌّ عُمُومًا شُمُولِيًّا، فَإِنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِلْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ عَلَى السَّوَاءِ أَوِ الْخُصُوصُ أَسْرَعُ إِلَى الْفَهْمِ نَحْوُ: مَا كُلُّ الدَّرَاهِمِ أَخَذْتُ
(٤) سَبَقَ أَيْضًا مَا فِيهِمَا تَعْلِيقًا
(٥) سَبَقَ أَيْضًا مَا فِيهِمَا تَعْلِيقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>