للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا رأيناها دكرنا بها … لما رأينا جنّة الخلد

أبقاك رب الناس حتى ترى … المعتزّ جدا وأبا جد

حولك من أبناء أبنائه … تسعون من شيب ومن مرد

كلّهم قد نال ما ناله … آباؤه الزهر من المجد

(١٥٤ - ظ‍) قال: فما بلغ أحد ممن أطال ما بلغت.

قال الصولي ودعوة المتوكل هذه ببركورا لما أعذر المعتز دعوة مشهورة، يقال إنها دعوة الاسلام لم يكن قبلها ولا بعدها مثلها إلاّ ما يحكى في وقت بناء المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل.

حدثني بها جماعة قد شاهدوها وجماعة من أولاد الخلفاء، والجلساء عن آبائهم: أن المتوكل جلس ومدت بين يديه مرافع ذهب مرصعة بالجوهر وعليها من العنبر والند والمسك المعجون أمثلة على جميع الصور، ومنها ما قد رصع بالجوهر مفردا ومنها ما عليه ذهب وجوهر، وجعل بساطا ممدودا فأحضر الجلساء وسائر الناس، فوضعت بين أيديهم صواني الذهب مرصعة بأنواع الجوهر، وجعل بين صوانيهم من الجانبين وبين طرفي هذا المعبّى فرجة، وجاء الفراشون بزبل (١) قد غشيت بالأدم مملوءة دنانير ودراهم نصفين فصبت في الفرجتين حتى ارتفعت على الصواني، وأمر الناس أن يشربوا ويتنقل من يشرب من تلك الدنانير ثلاث حفنات بكفه كأنها ما كانت، وكلما خفّ موضع جيء بالزبل فردّ إلى حاله، ووقف غلمان في آخر المجلس فصاحوا: إن أمير المؤمنين يقول لكم: ليأخذ من شاء ما شاء، فمد الناس أيديهم إلى المال فأخذوه وكان الرجل منهم يثقله ما معه فيخرج فيسلّمه إلى من معه ويرجع، وخلع على سائر الناس بعد ان صليت الظهر خلعا حسانا، على مراتبهم، وكذلك بعد العصر والمغرب، وأعتق (١٥٥ - و) ستة آلاف نسمة ولم يتخلف عن هذا الأمر أحد وكان فيه جلساء المتوكل كلهم.

قال: وكانت دعوة المأمون حين بنى على بوران ابنه الحسن بن سهل تسمى دعوة الإسلام حتى جاءت دعوة بركوارا (٢)، فقيل هي مثلها، وقيل أقل وأكثر.


(١) -جمع زبيل وهي القفة.
(٢) -كذا رسمها بالاصل وأحيانا: بركورا.

<<  <  ج: ص:  >  >>