ومات فدفن في مسجد الجفّ وأخذ من العسكر شيء عظيم من الاموال والآلات والدواب وغير ذلك.
قال: ومضيت أنا الى حلب في سنة سبع وعشرين وخمسمائة فرأيت مسجدا غير مسجد الجف، فشربنا منه فقلنا: ما هذا؟ فقالوا: هذا مسجد الخادم رفق.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي العظيمي في كتابه، ونقلته أنا من خط العظيمي قال: سنة احدى واربعين وأربعمائة، فيها كان السيل الذي أهلك عسكر المصريين على السّعدى وصلدى قبلي حلب، وفيها كان قتل جعفر بن كليّد، وفيها انهزم ناصر الدولة، وسيّرت العساكر مع رفق الخادم وهو كاره لذلك، ولقبوه أمير الامراء المظفر عدة الدولة وعمادها، وكان عمره فوق الثمانين (١٠١ - و)، ثامن عشر ذي القعدة من السنة، وشيعه المستنصر وسيّر معه التجمل العظيم، والعدد الكثير من المشارفة والمغاربة والعرب، وكاتب كل من يلقاه من المقدمين بأن يترجلوا له اذا لقوه، وتوسل ثمال ابن صالح الى الملك قسطنطين أن ينجده، فكتب قسطنطين الى المستنصر في الصفح عن ابن صالح وقال: ان لم تقبل فيه الشفاعة اضطر الى نجدته عليك، فوصل رسول الملك الى الرملة، يوم وصول رفق الخادم اليها فأوصله رفق الى مصر، وأعاد الرسالة وتوقف الوزير عن الجواب طمعا أن يملكوا حلب، ويستأنف الجواب وتحقق الملك قسطنطين توجه العساكر المصرية، فبعث الى أنطاكية عسكرا لحفظ الاطراف من نحو حلب، وبعث لثمال بن صالح مالا عينا وخلعا، وسار مقلّد بن كامل بن مرداس الى حمص واعتصم عليه واليها حصن الدولة حيدره بن منزو الكتامي، فحاصره ثم طلب الامان فآمنه وأنزله من القلعة، وخربها وخرب السور، وعاد الى حماة ففتحها وأخرب حصنها، وانتقل الى معرة النعمان، وأخرب سورها أيضا وظهر من فشل رفق الخادم ما أطمع الجند والكافة فيه، فعاثت السنابسة (١) وهو بالرملة في طرف العسكر، وهربوا الى البرية، فاتبعهم رفق بسرية من العساكر (١٠١ - ظ) فعادت العرب عليهم وهزموهم، وأسروا الامير مراد، ونهبوهم فسير اليهم رفق، جعفر بن
(١) -بنو سنبس من طئ سكان الرملة انذاك بزعامة آل الجراح.