للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حفص وقال: أيها الأمير قد تحرمت بك وبطعامك، وفي أقل من هذا كانت العرب تهب الدماء، فقال: ليس ما ظننت فجاء الخادم بخمسمائة دينار فقال: خذها ولا تقطعنا وأصلح ما شعثت منا (١).

وحكى عيسى بن لهيعة بن عيسى بن لهيعة بن عقبة الحضرمي المصري عن خالد ابن كلثوم عن عوانه بن الحكم ومحمد بن السائب الكليبيين قالا: قال هشام يوما لجلسائه وقوّامه على خيله: كم أكثر ما ضمت عليه حلبة من الخيل في اسلام أو جاهلية؟ فقيل له ألف فرس، وقيل ألفان، فأمر أن يؤذن الناس بحلبة أربعة ألاف فرس، فقيل له: يا أمير المؤمنين يحطم بعضها بعضا فلا تتسع لها طريق فقال نطلقها ونتوكل على الله والله الصانع فجعل الغاية خمسين ومائة غلوة، والقصب مائة والمقوس ستة أسهم (٢)، وقاد اليه الناس من كل أوب، ثم برز هشام الى دهناء الرصافة قبيل الحلبة بأيام، فأصلح طريقا واسعا لا يضيق بها فلما أرسلت يوم الحلبة (٢٣٠ - ظ‍) بين يديه وكان ينظر اليها تدور حتى ترجع فجعل الناس يترأونها حتى أقبل الذائد كأنه ريح لا يتعلق به شيء حتى دخل سابقا وأخذ القصبة، ثم جاءت الخيل بعد لأي أفذاذا وأفواجا، ووثب الرجاز يرتجزون منهم المادح للذائد ومنهم المادح لفرسه ومنهم المادح لخيل قومه فوثب مولاهم حفص الأموي فقام مرتجزا يقول:

إن الجواد السابق الإمام … خليفة الله الرضا الهمام

أنجبه السوابق الكرام … من منجبات ما بهن ذام

كرائم يجلى بها الظلام … أم هشام جدّها القمقام

وعائش تسمو بها الأقوام … خلائف من نجلها أعلام

إن هشاما جده هشام … مقابل مدابر هضّام

جرى به الأخوال والأعمام … نجل لنجل كلهم قدّام

سنّو اله السبق وما استناموا … حتى استقامت حيث ما استقاموا


(١) -الفاضل للمبرد-ط‍. القاهرة ١٩٥٥ ص ٥٧ - ٥٨.
(٢) -أي جعل الغاية للسباق المستقيم طولها مائة قصبة، وللدائري ما يعادل رمية السهم لسبت مرات أي قرابة الثلاثمائة متر.

<<  <  ج: ص:  >  >>