للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما سمع الأشعث الصارخ إلى ما قد رأى من اختلاف أصحابه بادرهم فخرج من تحت ليلته حتى المهاجر وزيادا فسألهما أن يؤمناه على دمه وماله حتى يبلغاه أبا بكر فيرى فيه رأيه، ويفتح لهم باب الحصن ففعلا، ويفتح (١) (٢٣٦ ظ‍) لهم باب الحصن، فدخل المسلمون على أهل الحصن فاستنزلوهم فضربوا أعناقهم، واستاقوا أموالهم، واستبوا نساءهم، وكتبوا الى أبي بكر بذلك، واستوثقوا من الأشعث حتى بعثوا به الى أبي بكر في الحديد موثقا، فقال له أبو بكر: كيف ترى صنيع الله بمن نقض عهده؟ فقال الأشعث: أرى أنه قد أخطأ حظه، وتعس جده، فقال له أبو بكر: فما تأمرني فيك؟ قال: آمرك أن تمنّ علي فتفكني من الحديد وتزوجني أختك أم فروة ابنة أبي قحافة، ففعل أبو بكر، فقال الأشعث حين زوجه أبو بكر:

لعمري وما عمري عليّ بهين … لقد كنت بالأخوان جدّ ضنين

أحاذر أن تضرب هناك رؤوسهم … وما الدهر عندي بعدها بأمين

فليت جنوب الناس تحت جنوبهم … ولم ترم أنثى بعدهم بجنين

وكنت كذات البوّ (٢) … أنخت

وأقبلت عليه بقلب واله وحنين

فأجابه مسلم بن صبيح السكوني:

جزى الأشعث الكندي بالغدر ربه … جزاء مليم في الأمور ظنين

أخا فجرة لاتستقال وغدرة … لها أخوات مثلها ستكون

فلا تأمنوه بعد غدرته بكم … على مثلها فالمرء غير أمين

وليس امرؤ باع الحياة بقومه … أخا ثقة أن يرتجى ويكون

هدمت الذي قد كان قيس يشيده … ويرضى من الأفعال ما هو دون

(٢٣٧ - و)

وألبست ثوب المسبة بعدها … فلا زلت محبوسا بمنزل هون


(١) -كتب ابن العديم في الحاشية: صوابه «وفتح».
(٢) -البو: ولد الناقة، وجلد الحوار يحشى ثماما أو تبنا فيقرب من أم الفصيل فتعطف عليه فتدر. القاموس.

<<  <  ج: ص:  >  >>