للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ ; يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْوُضُوءِ غَسْلُ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْيَدَ نَدْبًا، إِزَالَةً لِنَفْرَةِ النَّفْسِ الَّتِي أَوْرَثَهَا مَسُّ الذَّكَرِ فِي الْيَدِ، فَيَتَرَجَّحُ هَذَا الِاحْتِمَالُ، لِأَنَّهُ يُوَافِقُ الْعَقْلَ، وَالْأَوَّلُ يُنَافِيهِ.

قُلْتُ: الْقَاعِدَةُ الْمَذْكُورَةُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا بِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْلِ تَصْحِيحُ دَلِيلٍ مُسْتَقِرٍّ، فَيَتَرَجَّحُ الِاحْتِمَالُ الْمُوَافِقُ لَهُ يَكُونُ جَمْعًا بَيْنَ دَلِيلَيْنِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ دَلِيلٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَخْرُجُ فِي هَذَا مَا يَخْرُجُ فِي الْخَبَرِ الْمُقَرَّرِ مَعَ النَّافِي.

أَمَّا الْمِثَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ، فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِيهِ بِأَنْ يُقَالَ: غَسْلُ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ، فَيَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِعِ عَلَيْهَا لِمَا سَبَقَ فِي مَوْضِعِهِ. سَلَّمْنَاهُ ; لَكِنَّ قَوْلَهُ: «فَلْيَتَوَضَّأْ» أَمْرٌ، فَظَاهَرُهُ الْوُجُوبُ، فَحَمْلُهُ عَلَى اسْتِحْبَابِ غَسْلِ الْيَدِ خِلَافُهُ. سَلَّمْنَاهُ ; لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ حُصُولَ النَّفْرَةِ لِلنَّفْسِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ، كَيْفَ وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَقُولُ فِي حَدِيثِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ: إِنْ هُوَ إِلَّا بِضْعَةٌ - أَوْ مُضْغَةٌ - مِنْكَ. سَلَّمْنَاهُ ; لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ يُنَافِيهِ، كَيْفَ وَأَنَّ فِيهِ طَهَارَةً مِنَ الْأَدْرَانِ الدِّينِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ. وَوُقُوفُ الْمُصَلِّي بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ كَذَلِكَ هُوَ أَكْمَلُ أَحْوَالِهِ، وَهُوَ مُنَاسِبٌ ظَاهِرٌ فِي الْعَقْلِ، سَلَّمْنَا أَنَّهُ يُنَافِيهِ، لَكِنْ لَيْسَ كُلُّ مَا نَافَى الْعَقْلَ، رَجَحَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا لَزِمَ حَمْلُ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الْأَنْعَامِ: ٧٢] عَلَى مُسَمَّاهَا اللُّغَوِيِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>