للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ قِيلَ: إِنْ عَنَيْتُمُ الْأَشْبَهَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، دَلَّ عَلَى أَنَّ عِنْدَهُ حُكْمًا مُعَيَّنًا، وَالَّذِي يُصِيبُهُ الْمُجْتَهِدُ أَشْبَهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَبَيِّنُوا الْمُرَادَ بِهِ.

قُلْنَا: الْمُرَادُ الْأَشْبَهُ بِمَا عُهِدَ مِنْ حِكْمَةِ الشَّرْعِ، وَلَا يَلْزَمُ التَّعْيِينُ.

فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَشْبَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، هُوَ الْمُعَيَّنُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قُلْنَا: لِلْقَطْعِ بِأَنَّ لَا غَرَضَ لَهُ فِي تَعْيِينِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: لَعَلَّ تَعْيِينَهُ تَضَمَّنَ مَصْلَحَةً.

قُلْنَا: وَلَعَلَّ عَدَمَهُ كَذَلِكَ، فَمَا الْمُرَجِّحُ؟

قَالُوا: الدَّلِيلُ يَسْتَدْعِي مَدْلُولًا قَطْعِيًّا.

قُلْنَا: الْمَدْلُولُ أَعَمُّ مِنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ كَمَا ذَكَرْنَا.

فَإِنْ قِيلَ: الْأَحْكَامُ الْقِيَاسِيَّةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّصِّيَّةِ، وَالنَّصِّيَّةُ مُعَيَّنَةٌ، فَكَذَا الْقِيَاسِيَّةُ.

قُلْنَا: قِيَاسٌ ظَنِّيٌّ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَظْهَرُ.

ــ

قَوْلُهُ: " فَإِنْ قِيلَ "، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا تَشْكِيكٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْأَشْبَهِ.

وَتَقْرِيرُهُ: أَنْ يُقَالَ: " إِنْ عَنَيْتُمْ " بِالْأَشْبَهِ مَا هُوَ أَشْبَهُ " عِنْدَ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - دَلَّ عَلَى أَنَّ عِنْدَهُ حُكْمًا مُعَيَّنًا، وَالَّذِي يُصِيبُهُ الْمُجْتَهِدُ أَشْبَهُ " بِذَلِكَ الْحُكْمِ الْمُعَيَّنِ " مِنْ غَيْرِهِ "، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْحُكْمَ مُعَيَّنٌ، وَإِنْ لَمْ تَعْنُوا بِهِ هَذَا فَبَيِّنُوا مُرَادَكُمْ بِهِ، حَتَّى نَعْلَمَهُ، وَنَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ بِمَا عِنْدَنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>