للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

طَلَبِ الْحَقِّ وَلَمْ يُعَانِدُوا. " وَالظَّاهِرِيَّةُ "، أَيْ: وَقَالَتِ الظَّاهِرِيَّةُ " وَبَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ " الْإِثْمُ لَاحِقٌّ لِلْمُخْطِئِ مُطْلَقًا، إِذْ فِي الْفُرُوعِ حَقٌّ مُتَعَيِّنٌ عَلَيْهِ دَلِيلٌ قَاطِعٌ، وَالْعَقْلُ قَاطِعٌ بِالنَّفْيِ الْأَصْلِيِّ لِغَيْرِهِ، إِلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ دَلِيلٌ سَمْعِيٌّ قَاطِعٌ "، يَعْنِي أَنَّ الظَّاهِرِيَّةَ وَبَعْضَ الْمُتَكَلِّمِينَ، مِنْهُمْ بِشْرُ الْمَرِيسِيُّ، وَابْنُ عَلِيَّةَ، وَأَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ، وَالْإِمَامِيَّةُ مِنْ نُفَاةِ الْقِيَاسِ، قَالُوا: إِنَّ " الْإِثْمَ لَاحِقٌّ لِلْمُخْطِئِ مُطْلَقًا " فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَعِبَارَةُ " الرَّوْضَةِ " وَ " الْمُسْتَصْفَى ": إِنَّ الْإِثْمَ غَيْرُ مَحْطُوطٍ عَنِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْفُرُوعِ. فَفَهِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ فِي الْأُصُولِ أَوْلَى، لِأَنَّ فِي الْفُرُوعِ حَقًّا مُتَعِيِّنًا، عَلَيْهِ دَلِيلٌ قَاطِعٌ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، فَمَا ثَبَتَ مِنْهَا بِدَلِيلٍ سَمْعِيٍّ قَاطِعٍ، فَهُوَ ثَابِتٌ، وَمَا لَمْ يَثْبُتْ بِدَلِيلٍ قَاطِعٍ، فَهُوَ بَاقٍ عَلَى النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ قَطْعًا، وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنَ الْأَحْكَامِ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍ، إِذْ لَا مَجَالَ لِلظَّنِّ فِي الْأَحْكَامِ.

قَوْلُهُ: " بِنَاءً عَلَى إِنْكَارِهِمْ ". أَيْ: وَإِنَّمَا قَالَ هَؤُلَاءِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، " بِنَاءً عَلَى إِنْكَارِهِمْ خَبَرَ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسَ، وَرُبَّمَا أَنْكَرُوا الْحُكْمَ بِالْعُمُومِ وَالظَّاهِرِ "، لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ مَدَارِكُ الظُّنُونِ فِي الشَّرْعِ، فَإِذَا أَنْكَرُوهَا لَمْ يَبْقَ مَعَهُمْ مَا يُفِيدُ الظَّنَّ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، فَتَعَيَّنَ مَا يُفِيدُ الْقَطْعَ، كَالنَّصِّ الْمُتَوَاتِرِ وَالْآحَادِ الصَّحِيحَةِ، فَإِنَّهَا تُفِيدُ الْعِلْمَ عِنْدَ الظَّاهِرِيَّةِ.

قَالَ الْآمِدِيُّ: إِذَا كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ الْفِقْهِيَّةُ ظَنِّيَّةً؛ فَإِنْ كَانَ فِيهَا نَصٌّ، وَقَصَّرَ الْمُجْتَهِدُ فِي طَلَبِهِ، فَهُوَ مُخْطِئٌ آثِمٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَصٌّ، أَوْ كَانَ فِيهَا نَصٌّ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي طَلَبِهِ، فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو الْهُذَيْلِ، وَالْجُبَائِيُّ وَابْنُهُ: إِنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ فِيهَا مُصِيبٌ، وَإِنَّ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا مَا أَدَّى إِلَيْهِ ظَنُّ الْمُجْتَهِدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>