. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هَذِهِ حُجَّةُ مَنْ أَجَازَ الْقِيَاسَ فِي الْأَسْبَابِ، وَهِيَ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعُوا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقِيَاسِ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ بَعْضِهَا وَبَعْضٍ، وَلَا تَفْصِيلَ بَيْنَ الْأَسْبَابِ وَغَيْرِهَا، وَذَلِكَ يَقْتَضِي عُمُومَ جَوَازِهِ فِيهَا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: «أَنَّهُمْ قَالُوا فِي السَّكْرَانِ» : إِنَّهُ «إِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى» فَيَجِبُ عَلَيْهِ «حَدُّ الْمُفْتَرِي، وَهُوَ قِيَاسٌ سَبَبِيٌّ» أَيْ: قِيَاسٌ فِي الْأَسْبَابِ، لِأَنَّ الْقَذْفَ سَبَبُ حَدِّ الْقَاذِفِ ثَمَانِينَ، وَقَدْ قَاسُوا عَلَيْهِ السُّكْرَ فِي كَوْنِهِ سَبَبًا لِذَلِكَ، وَالَّذِي أَنْشَأَ هَذَا الْقِيَاسَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِحَضْرَةِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ، لَكِنَّهُمْ لَمَّا وَافَقُوا عَلَيْهِ وَصَارُوا إِلَيْهِ، نُسِبَ إِلَيْهِمْ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ «مَنْعَ الْقِيَاسِ» فِي الْأَسْبَابِ وَغَيْرِهَا، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ فَهْمِ الْمَعْنَى الْجَامِعِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ، فَهُوَ تَحَكُّمٌ مِنَ الْخَصْمِ، حَيْثُ أَجَازَ الْقِيَاسَ لِأَجْلِ فَهْمِ الْجَامِعِ فِي غَيْرِ الْأَسْبَابِ، وَمَنْعِهِ فِيهَا، إِذْ لَيْسَ أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي، فَهُوَ وِفَاقٌ مِنَّا وَمِنْهُمْ، لِأَنَّنَا حَيْثُ لَا نَفْهَمُ الْمَعْنَى الْجَامِعَ الْمُصَحِّحَ لِلْقِيَاسِ لَا نَقِيسُ.
الْوَاجِهُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْقِيَاسَ فِي الْأَسْبَابِ وَنَحْوِهَا بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ «مُفِيدٌ لِلظَّنِّ» وَالظَّنُّ «مُتَّبَعٌ شَرْعًا» فَهَذَا الْقِيَاسُ مُتَّبَعٌ شَرْعًا، فَيَكُونُ حُجَّةً، وَنَظْمُ هَذَا الدَّلِيلِ وَمُقَدِّمَاتُهُ ظَاهِرَةٌ.
قَوْلُهُ: «قَالُوا» إِلَى آخِرِهِ. هَذِهِ حُجَّةُ الْمَانِعِينَ، وَهِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute