. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْأَصْلِ، وَهُوَ مَا جُمِعَ فِيهِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ.
الرَّابِعُ: أَنَّ طَرِيقَ إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ، إِمَّا الْمُنَاسَبَةُ، أَوِ الشَّبَهُ، أَوِ السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ، أَوِ الطَّرْدُ أَوِ الْعَكْسُ، فَالْأَوَّلُ يُسَمَّى: قِيَاسَ الْإِخَالَةِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ يَتَخَيَّلُ لَهُ مُنَاسَبَةَ الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ، فَيُعَلِّقُهُ بِهِ، وَالثَّانِي قِيَاسُ الشَّبَهِ، وَالثَّالِثُ قِيَاسُ السَّبْرِ، وَالرَّابِعُ قِيَاسُ الطَّرْدِ.
قُلْتُ: ذَكَرَ الْقِسْمَةَ بِهَذِهِ الِاعْتِبَارَاتِ الْآمِدِيُّ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا لَمْ يَسْبِقْ بَيَانُهُ مِنْهَا مَشْرُوحًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: «وَقِيلَ: هُوَ» ، يَعْنِي الْقِيَاسَ هُوَ: «الِاجْتِهَادُ، وَهُوَ» يَعْنِي هَذَا التَّعْرِيفَ «خَطَأٌ لَفْظًا وَحُكْمًا» ، أَيْ: مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَالْحُكْمِ.
أَمَّا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ، فَلِأَنَّ لَفْظَ الْقِيَاسِ يُنْبِئُ عَنْ مَعْنَى التَّقْدِيرِ وَالِاعْتِبَارِ، وَالِاجْتِهَادُ لَا يُنْبِئُ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ أَنْبَأَ عَنْهُ، فَلَيْسَ هُوَ بِلَازِمٍ لَهُ، بِخِلَافِ الْقِيَاسِ.
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ، فَلِأَنَّهُ مُنْتَقَضٌ بِالنَّظَرِ فِي الْعُمُومَاتِ، وَمَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ وَغَيْرِهَا مِنْ طُرُقِ الْأَدِلَّةِ طَلَبًا لِلْحُكْمِ، فَإِنَّهُ اجْتِهَادٌ، وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ؛ وَلِأَنَّ الِاجْتِهَادَ يُنْبِئُ عَنْ بَذْلِ الْجُهْدِ فِي النَّظَرِ، وَالْقِيَاسِ قَدْ يَكُونُ جَلِيًّا، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ.
قُلْتُ: فَرَجَعَ حَاصِلُ الْكَلَامِ إِلَى أَنَّ تَعْرِيفَ الْقِيَاسِ بِالِاجْتِهَادِ تَعْرِيفٌ بِالْأَعَمِّ، فَإِنَّ الِاجْتِهَادَ أَعَمُّ مِنَ الْقِيَاسِ، إِذْ كَلُّ قِيَاسٍ اجْتِهَادٌ، وَلَيْسَ كُلُّ اجْتِهَادٍ قِيَاسًا، فَكَانَ الْحَدُّ غَيْرَ جَامِعٍ لِخُرُوجِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ مِنْهُ، وَلَا مَانِعَ لِدُخُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute