. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عُدْنَا إِلَى الْكَلَامِ عَلَى مَا فِي «الْمُخْتَصَرِ» .
قَوْلُهُ: «لَنَا» ، إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: لَنَا عَلَى وُجُوبِ اعْتِقَادِ الْعُمُومِ قَبْلَ ظُهُورِ الْمُخَصِّصِ، وُجُوهٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّ النَّسْخَ تَخْصِيصٌ فِي الْأَزْمَانِ كَمَا أَنَّ تَخْصِيصَ الْعَامِّ تَخْصِيصٌ فِي الْأَعْيَانِ، ثُمَّ إِنَّ اعْتِقَادَ عُمُومِ اللَّفْظِ فِي الْأَزْمَانِ وَاجِبٌ حَتَّى يَظْهَرَ النَّاسِخُ ; فَكَذَلِكَ اعْتِقَادُ عُمُومِهِ فِي الْأَعْيَانِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا حَتَّى يَظْهَرَ الْمُخَصِّصُ، فَإِذَا قِيلَ لَنَا: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} ; فَهَذَا اللَّفْظُ يَقْتَضِي دَوَامَ التَّحْرِيمِ فِي جَمِيعِ زَمَنِ التَّكْلِيفِ وَهُوَ الْعُمُومُ الزَّمَانِيُّ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ يُرْفَعُ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ بِالنَّسْخِ، وَيَقْتَضِي أَيْضًا تَعَلُّقَ التَّحْرِيمِ بِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمَيْتَةِ، وَهُوَ الْعُمُومُ الْعَيْنِيُّ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ بَعْضِ الْأَعْيَانِ كَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ، ثُمَّ إِنَّا فِي الْأَوَّلِ لَمْ نَقُلْ: إِنَّا لَا نَعْتَقِدُ دَوَامَ هَذَا التَّحْرِيمِ فِي كُلِّ زَمَانٍ لِاحْتِمَالِ ارْتِفَاعِهِ فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ بِالنَّسْخِ ; فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ لَا نَقُولُ: إِنَّا لَا نَعْتَقِدُ تَعَلُّقَ التَّحْرِيمِ بِكُلِّ مَيْتَةٍ لِاحْتِمَالِ ارْتِفَاعِهِ عَنْ بَعْضِ أَفْرَادِهَا بِالتَّخْصِيصِ، وَلَا نَعْنِي بِاعْتِقَادِ الْعُمُومِ إِلَّا هَذَا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: لَوِ اعْتُبِرَ فِي وُجُوبِ اعْتِقَادِ كَوْنِ اللَّفْظِ عَامًّا عَدَمُ الْمُخَصِّصِ ; لَاعْتُبِرَ فِي وُجُوبِ اعْتِقَادِ كَوْنِهِ حَقِيقَةً عَدَمُ الْمَجَازِ بِجَامِعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute