للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أجيب عن هذا بأن التنصيص على السماع، لا ينفي كون غيره طريقا للحكم، بل يمكن أن يقال إن هذا الحديث أظهر في الاحتجاج للقائلين بجواز قضاء القاضي بعلمه, فإن العلم أقوى من السماع؛ لأنه يمكن بطلان ما سمعه الإنسان ولا يمكن بطلان ما يعلمه١.

ثانيا: ما روته عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث أبا جهم بن حذيفة مصدقا٢، فلاحاه رجل في صدقته، فضربه أبو جهم فشجه٣، فأتوا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: القود٤ يا رسول الله، فقال: "لكم كذا وكذا"، فلم يرضوا، فقال: "لكم كذا وكذا"، فرضوا، فقال: "إني خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم"، قالوا: نعم، فخطب فقال: "إن هؤلاء الذين أتوني يريدون القود فعرضت عليهم كذا وكذا فرضوا، أفرضيتم؟ قالوا: لا"، فهم المهاجرون بهم، فأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يكفوا عنهم، فكفوا، ثم دعاهم فزادهم، فقال: "أفرضيتم"؟ , قالوا: نعم، قال: "إني خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم"، قالوا: نعم، فخطب فقال: "أرضيتم"؟ , فقالوا: نعم. رواه الخمسة إلا الترمذي٥.

مناقشة هذا الدليل:

أجيب عن الاستدلال بهذا الحديث بأن ليس فيه إلا مجرد وقوع الإخبار من


١ نيل الأوطار، ج٩، ص١٩٨.
٢ المصدق بتخفيف الصاد, هو الذي يأخذ صدقات الإبل والبقر والغنم.
٣ شجه أي: أحدث به شجة، والشجة الجراحة التي تكون في الوجه أو في الرأس.
٤ أي: القصاص.
٥ نيل الأوطار، ج٩، ص١٩٥، والخمسة هم: أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأبو داود.

<<  <   >  >>