للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- أن يصرح بمستنده، فيقول علمت أن له عليك ما ادعاه وقضيت أو حكمت عليك بعلمي.

الرأي الثالث: ما يراه أبو حنيفة، وهو أن ما كان من حقوق الله لا يحكم فيه بعلمه، كحد الزنا، وحد الخمر، وحد السرقة، وأما حقوق الآدميين كالدية وضمان المسروق، والزواج والطلاق وما يتعلق بهما، والبيع والهبة، ونحو ذلك، مما علمه قبيل ولايته، أو في غير محل ولايته لا يقضي به، وما علمه في زمن ولايته ومحلها قضى به١.

أدلة الرأي المانع لقضاء القاضي بعلمه:

أولا: ما روي عن أم سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ٢ فأقضي بنحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار" ٣.

فدل هذا الحديث الشريف على أنه -صلى الله عليه وسلم، إنما يقضي بما يسمع لا بما يعلم.

مناقشة هذا الدليل:


١ معين الحكام، للطرابلسي، ص١٢١، والاختيار لتعليل المختار، ج٢، ص١٢١.
٢ ألحن أي: أفطن بها، ويجوز أن يكون معناه أفصح تعبيرا عنها، وأظهر احتجاجا حتى يخيل أنه محق وهو في الحقيقة مبطل، قال الشوكاني: والأظهر أن معناه أبلغ كما وقع في رواية الصحيحين أي: أحسن إيرادا للكلام. نيل الأوطار، ج٩.
٣ نيل الأوطار، ج٩، ص١٨٥.

<<  <   >  >>