فصل منه: وفتح مكة يسمّى فتح الفتوح؛ وفيها بيت الله، وأهله وحجّاجه زوّار الله؛ وهو البيت العتيق والبيت الحرام؛ وفيه الحجر، والحجر الأسود.
وله زمزم، وهي هزمة جبريل- صلوات الله عليه- ومقام إبراهيم، وماء زمزم لما شرب له، العاكف فيه والبادي سواء.
وبسبب كرامته أرسل الله طير الأبابيل وحجارة السّجّيل. وأهله حمس ولقاح لا يؤدّون إتاوة، ولهم السّقاية، ودار النّدوة، والرّفادة، والسّدانة.
قال: وأقسم الله تعالى بها، قال: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ. وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ
. وقوله جل ذكره: لا أُقْسِمُ
. أي: أقسم، وإنّما قوله «لا» في هذا الموضع صلة، ليس على معنى «لا» الذي هو خلاف «نعم» .
وقالوا: ولو كان قوله: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ
يراد به تقادم البنيان، وما تعاوره من كرور الزّمان، لم يكن فضله على سائر البلدان، لأنّ الدنيا لم تخل من بيت ودار، وسكّان وبنيان. وقد مرّت الأيّام على مصر، وحرّان، والحيرة، والسّوس الأقصى، وأشباه ذلك، فجعل البيت العتيق صفة له، ولو كان ذهب إلى ما يعنون، كان من قبل أن يعتق وتمرّ عليه الأزمنة ليس بعتيق. وهذا الاسم قد أطلق له إطلاقا، فاسمه البيت العتيق، كما أنّ اسمه بيت الله.
ومن زعم أن الله تعالى حرمه يوم خلق السموات والأرض، فقولنا هذا مصداق له.
ومن زعم أنّه إنّما صار حراما مذ حرّمه إبراهيم، كان قد زعم أنّه قد كان ولا يقال له عتيق ولا حرام.
قالوا: وممّا يصدّق تأويلنا أنّه لم يعرف إلّا وهو لقاح، ولا أدّى أهله إتاوة