للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجع ثمَّ تسْقط الشَّهْوَة من الْجِهَات وَتسقط الْقُوَّة وَتعرض حميات وَرُبمَا عرض غثيان وعسر الْبَوْل ورياح وقراقر وكمودة اللَّوْن وَبرد الْأَطْرَاف وجفاف اللِّسَان وَإِمَّا على سَبِيل اسْتِحَالَة الأخلاط إِلَى فَسَاد لحميات رَدِيئَة وشموم ضارة. وَإِمَّا على سَبِيل انتفاض من امتلاء شَدِيد المَاء يعرف من ترك الاستفراغ أَو طرُو احتباس سيلان مُعْتَاد وَقطع عُضْو أَو ترك رياضة أَو قلَّة تحلل من الْبدن. وَسَائِر مَا عَرفته أَو لتراكم التخم الْكَثِيرَة فِي دفعات فَيرجع على سَبِيل مرض حاد وَهُوَ من جملَة الهيضة. وَأما على سَبِيل امْتنَاع من نُفُوذ الْغذَاء لسدد فِي الْعُرُوق وَغير ذَلِك. فَأَما الهيضة فَهِيَ حَرَكَة من الْموَاد الْفَاسِدَة الْغَيْر المنهضمة إِلَى الِانْفِصَال من طَرِيق المعي راجعات إِلَيْهِ عَن الْبدن على حِدة وعنف من الدافعة فَإِن الأغذية إِذا لم تنهضم جدا استحالت إِلَى أخلاط غير مُوَافقَة للبدن وتحرّكت الطبيعة إِلَى دَفعهَا إِذا ثقلت عَلَيْهَا من الْجِهَات بأصناف من الْقَيْء المري الزنجاري والمائي أَحْيَانًا وأصناف من الإسهال. وَمَا كَانَ من الهيضة سَببه من فَسَاد طَعَام وَاحِد فَهُوَ أسلم مَا يكون بِسَبَب تَوَاتر فَسَاد بعد فَسَاد. والهيضة الرَّديئَة تبتدىء أَولا ابْتِدَاء خَفِيفا ثمَّ يحدث وجع ومغص فِي الْبَطن والأمعاء ويصعد إِلَى الْمعدة لِكَثْرَة مَا تؤديها الأخلاط الحارة المتجهة إِلَيْهَا وَفِي الْأَكْثَر يكون إسهال وقيء معي. فَإِذا اندفعت استتبعت أخلاط الْبدن لما عرفت من السَّبَب فتبدأ بإسهال مراري ثمَّ مائي خَالص رهل منتن ثمَّ رُبمَا أدّى إِلَى اخْتِلَاف كغسالة اللَّحْم الطري دسم الرَّائِحَة وَإِلَى الخراطة ثمَّ يُؤَدِّي إِلَى استرخاء النبض والتشنج والعرق الْبَارِد وَإِلَى الْمَوْت. وَالصَّبْر على الْعَطش نَافِع لَهُم وَكَثِيرًا مَا يعرض لَهُم بطلَان النبض على سَبِيل الضغط والتأدي ولسبب الْأَعْرَاض الْفَاحِشَة فَإِذا سكنت الْأَعْرَاض عَاد النبض وَمن كَانَ مُعْتَادا للهيضة لم يكن لَهُ مِنْهَا خطر من لم يكن مُعْتَادا لَهَا وَهِي فِي الصّبيان أَكثر. وَأكْثر مَا تعرض الهيضة فَإِنَّمَا تعرض فِي الصَّيف والخريف لضعف الهضم فيهمَا وتقل فِي الشتَاء وَالربيع. وَقد يكثر حُدُوث للهيضة من شرب مَاء بَارِد على الرِّيق يتبع غذَاء غليظاً لَا سِيمَا فِي الْفطر من الصَّوْم والمشمش والبطيخ مِمَّا يهيجان الهيضة. وَكَثِيرًا مَا تحتبس الهيضة فيميل نفث مادتها إِلَى أَعْضَاء الْبَوْل فَتحدث حرقة فِي الْبَوْل. وَأما الإسهال الْوَاقِع بِسَبَب امْتنَاع نُفُوذ الْغذَاء وَهُوَ السددي فَهُوَ الَّذِي يُسمى الإسهال الْكَائِن بأدوار وَذَلِكَ لِأَن الْعُرُوق المنسدة تمتلىء فِي مُدَّة مَعْلُومَة إِلَى أَن لَا تحْتَمل ثمَّ تستفرغ رَاجِعَة وَفِيمَا بَينهمَا حَال كالصحة. وَأكْثر النّوبَة عشرُون يَوْمًا وَرُبمَا تقدم أَو تآخر لما يعلم من الْأَسْبَاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>