وَأما الْكَائِن لسَبَب لأغذية فقد ذَكرْنَاهُ مرّة فِي بَاب الْمعدة وَلَا بَأْس لَو أعدنا ذَلِك وزدناه شرحاً. فَنَقُول: أَن الْكَائِن للأغذية إِمَّا لقلتهَا فتفسد فِي الْمعدة الحامية كَمَا علمت فَلَا تقبلهَا الطبيعة فتدفعها وَإِمَّا لكثرتها فتمدّد وتكط أَولا تقبل الهضم وتفسد أَو لثقلها أَيْضا فتهبط وَإِمَّا للذعها كالبصل وَإِمَّا لقُوَّة سميَّة فِيهَا كالفطر أَو لسرعة اسْتِحَالَة إِلَى فَسَاد كاللبن أَو لشدَّة رقتها فترشح وَلَا تحتبس عِنْد الْبَاب وَإِمَّا لرطوبتها أَو لزوجتها فتزلق أَو لِكَثْرَة الْحَرَكَة عَلَيْهَا أَو لِكَثْرَة شرب المَاء عَلَيْهَا فتكظ وتزلق أَو لِكَثْرَة مَا يجد من الأخلاط المزلقة كالبلغم أَو الجالية كالصفراء أَو لكَونه غذَاء كذب وَهُوَ الْكثير الكمية الْقَلِيل الْغذَاء مثل الْبُقُول. أَو لترتيب يُوجب الإزلاق مثل تَقْدِيم الْغذَاء اللين الْخَفِيف الهضم المزلق وَتَأْخِير الْغذَاء الْقَابِض العاصر أَو تَأْخِير سريع الاستحالة فَيفْسد مَا تَحْتَهُ وتستدعي الطبيعة إِلَى الدَّافِع. وَأما الْكَائِن بِسَبَب الْهَوَاء الْمُحِيط وَهُوَ أَن الْهَوَاء الْحَار يحلل فيجفف والبارد يجمع ويحصف. والجنوب وَكَثْرَة الأمطار والبلاد الجنوبية تطلق وَرُبمَا كَانَت الرِّيَاح سَببا للإسهال بِمَا يفْسد من الهضم ويحرك من الْغذَاء. قَالَ أبقراط: اللثغ يعرض لَهُم الذرب كثيرا يَعْنِي باللثغ الَّذين لَا يفصحون بالراء. وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن الرُّطُوبَة مستولية على أعضائهم العصبية وعَلى معدهم لمشاركة أدمغتهم أَو لسَبَب عَم الدِّمَاغ وَغَيره. وَهَؤُلَاء أَيْضا يجب أَن يسهلوا بِرِفْق. وَقَالَ أَيْضا: من كَانَ فِي شبابه ليّن الطبيعة أَو صلبها فَهُوَ عِنْد الشيخوخة بالضد وَمن كَانَ دَائِم لين الطبيعة فِي الشَّبَاب لم يُوَافقهُ فِي شيخوخته دَوَامه وكل خلفة تكون بعد مرض شَدِيد والفواق إِذا حدث بِصَاحِب الْبَطن وخصوصاً بِصَاحِب الزحير فَذَلِك دَلِيل شَرّ يدل على اليبس المذبل. وَإِذا غذي المبطون الضَّعِيف فَلم يزدْ نبضه فَلَا تعالجه. والمبطون يَمُوت وقليلاً قَلِيلا يسْقط نبضه وَيصير دودياً ونملياً وَهُوَ مَعَ ذَلِك يعِيش وَيعْقل ثمَّ يبطل نبضه وَهُوَ يعِيش ثمَّ يَمُوت. وَاعْلَم أَن من يختلق أصنافاً مُخْتَلفَة من المراري وَمن الزُّبْدِيُّ والفنون السمجة وَلَا يضعف فَلَا تحبسه فَيُؤَدِّي بِهِ إِلَى أمراض صعبة أَو أورام خبيثة رَدِيئَة. العلامات: قيل أَنه إِذا كَانَ الْبَوْل فِي الحميات الصفراوية أَبيض مَعَ سَلامَة الدَّلَائِل أَي ثبات الْعقل وفقدان الصداع وَنَحْوه فتوقع سحج الأمعاء. ثمَّ الْفرق بَين الدماغي والمعدي أَن المعدي لَا تَرْتِيب لَهُ وَلَا أَوْقَات بِأَعْيَانِهَا يثور فِيهَا بل يكون بِحَسب التَّدْبِير وَإِن كَانَت الهاضمة ضَعِيفَة خرج بِلَا هضم وَإِن كَانَت الماسكة ضَعِيفَة خرج سَرِيعا فَإِن كَانَت الماسكة والدافعة جَمِيعًا ضعيفتين خرج سَرِيعا وَلم يخرج كثيرا دفْعَة بل يواتر الْقيام قَلِيلا قَلِيلا وَأَكْثَره من برد. وَإِن كَانَ الضعْف فِي غير الهاضمة خرج مَا يخرج غير عادم للهضم كُله بل يخرج وَله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute