وَأما الَّذِي يكون من إسهال الدَّم بعد إسهال مراري وسحج مراري وَمَعَ وجع فَهُوَ أردأ وخصوصاً إِذا سبقت الخراطة ثمَّ جَاءَ دم صرف فَإِن ذَلِك يدل على أَن الْعلَّة توغلت فِي جرم الأمعاء. وَأما الخراطي فَهُوَ عَن انجراد مَا على وُجُوه الأمعاء. وَأما المخاطي فَهُوَ لرطوبة غَلِيظَة فَرُبمَا وَقع الِاخْتِلَاف المخاطي فِي الحميات المركبة وَضرب من الحميات سَنذكرُهُ فِي بَابه وَفِي الحميات الوبائية. وَأكْثر مَا يكون فِي الوبائية يكون زبدياً. وَأما القشاري فقد يكون عَن قُرُوح الْمعدة وَيخرج بالإسهال وَلَكِن لَا يكون هُنَاكَ سحج وَإِذا كَانَ مَعَ سحج فَهُوَ عَن نفس طَبَقَات الأمعاء. ويستدل على الْغِلَاظ دَائِما بالغلظ وَفِي الْأَكْثَر بِالْكبرِ وعَلى الدقاق بالضدّ وَهَذِه القشارات تخرج عِنْد الْقيام وَيكون أَكثر خُرُوجهَا عِنْد الحقن الغسّالة. قَالَ أبقراط: الخلفة العتيقة السوداوية لَا تَبرأ وَقَالَ أَيْضا إِذا كَانَ الاستفراغ مثل المَاء ثمَّ صَار مثل المرهم فَهُوَ رَدِيء. واذا وَقع عقيب الاسْتِسْقَاء إسهال خُصُوصا الاسْتِسْقَاء الْحَادِث عَن ورم الكبد كَانَ رديئاً وَيكون ذرباً فيسهل عَن المائية وَلَا يَنْقَطِع. قَالَ: كل خلقَة تعرض بعد مرض بَغْتَة فَهُوَ دَلِيل موت قريب. كَمَا قَالَ وَقد يكون مَعَ الاسْتِسْقَاء ذرب لاينقطع وَلَا يُفِيد لِأَنَّهُ لايسهل المائية بل يسهل مَا يضعف بِهِ الْبدن. وَقد يُؤَدِّي السحج وقروح الأمعاء إِلَى الاسْتِسْقَاء. وَمن كَانَ بِهِ مَعَ المغص كزاز وقيء وفواق وَذُهُول عقل دلّ على مَوته. وَفِي كتاب أبقراط: من كَانَ بِهِ دوسنطاريا وَظهر خلف أُذُنه الْيُسْرَى شَيْء أسود شَبيه بالكرسنة واعتراه مَعَ ذَلِك عَطش شَدِيد مَاتَ فِي الْعشْرين لَا يتآخر وَلَا ينجو. وَاعْلَم أَن الحمّى الصعبة الدَّالَّة على عظم وَأَيْضًا سُقُوط الشَّهْوَة الدَّالَّة على موت الْقُوَّة الَّتِي فِي فَم الْمعدة والإسهال الْأسود فِي قُرُوح المعي كل ذَلِك رَدِيء. وَأما الَّذِي يكون من الأمعاء من غير سحج وَدم وَمن غير سَبَب من فَوْقهَا فيشارك زلق الْمعدة فِي الْأَسْبَاب. لَكِن الْكَائِن عَن إذابة القروح فِيهَا أَكثر مِمَّا فِي الْمعدة بل كَأَنَّهُ لَا يكون إِلَّا فِيهَا فَإِن كَانَت قلاعية وَكَانَت الْمَادَّة الفاعلة لَهَا لَا تزَال تسيل أدّى ذَلِك لَا محَالة إِلَى سحج دموي وَإِلَى إِطْلَاق دم قوي ويشاركها فِي السَّبَب لُزُوم قُوَّة من دَوَاء مسهل لفوهات الْعُرُوق الَّتِي لَهَا ولسطحها فيسهّل. وَالَّذِي يكون عَن ضعف المعي والمعدة فيسمى مَادَّة الْبَطن. وَأكْثر السَّبَب فِي ذَلِك سعف وقروح وذوبان. وَرُبمَا اتّفق أَن يَنْفَعهُ شَيْء من هَذَا الدَّم المنصب فِي الْبَطن فَيدل عَلَيْهِ برد الْأَطْرَاف دفْعَة بَغْتَة وانتفاخ الْبَطن وَسُقُوط الْقُوَّة وتأد إِلَى الغشي. وَأما الَّذِي يكون عَن المعي الْمُسْتَقيم وَهُوَ المعي السَّادِس فَمِنْهَا أَن يكون مَعَ وجع وَيُسمى زحيراً وَهُوَ وجع تمددي وانجرادي فِي المعي الْمُسْتَقيم. وَمِنْه مَا يكون بِلَا وجع. وَسبب الزحير إِمَّا ورم حَار يسيل مِنْهُ شَيْء أَو ورم صلب أَو ريح أَو استرخاء العضلة فَتخرج مَعَه المقعدة أَو تمدد يعرض وكزاز فَيمْنَع العضلة الحابسة للبراز فِي نواحي المقعدة عَن فعلهَا أَو فضل مالح أَو بورقي أَو كيموس غليظ أَو مرار مدَاخِل أَو استتباع لدوسنطاريا أَو برد يُصِيب الْعُضْو أَو طول جُلُوس على صلابة أَو غلظ مَا يخرج من الثفل وصلابته أَو أخلاط حادة أَو نواصير أَو بواسير أَو شقَاق أَو قُرُوح وتأكل أَو ثفل محتبس. وَأكْثر مَا يكون عَن خلط مخاطي وَبعد أَن يكون مخاطياً يصير خراطياً ثمَّ نقط دم وَرُبمَا خرج بالزحير شَيْء كالحجر على مَا حَكَاهُ بَعضهم. وجالينوس يستبعده. وَأكْثر مَا يعرض الزجير لأَصْحَاب البلغم العفن فَإِنَّهُ لعفنه يبْقى أَثَره فِي المعي الْمُسْتَقيم عِنْد مروره كل وَقت ثمَّ يصير لزجاً لَازِما مُؤْذِيًا وَرُبمَا أوهم العليل أَن فِي مقعدته ملحاً مذروراً لبورقيته. وأسهل الزحير مَا لم يكن عقيب الدوسنطاريا ومتولّداً عَن الدوسنطاريا. وَقد يعرض أَن تكز المقعدة والمستقيم أَو يتمددا فَيعرض لعضلها أَن لَا تحبس مَا يصل إِلَيْهَا كَمَا أَنه يعرض لَهَا أَن تكز فَلَا تقدر على استنزال مَا فَوْقهَا إِلَيْهَا. وَأما الَّذِي يكون عَن المقعدة بِلَا وجع فَيكون دَمًا لَا غير وَيكون أَكْثَره على سَبِيل دفع الطبيعة لفضل فِي الْبدن حصره فِي الْبدن أَسبَاب الْفضل من الأغذية أَو احتباس سيلان أَو قطع لعضو أَو ترك رياضة أوسائر مَا قيل فِي مَوْضِعه. وَهَذَا لَا يجب أَن يحتبس إِلَّا أَن يخَاف سُقُوط النبض وَالْقُوَّة. فَهَذِهِ أَصْنَاف السيلان الزحيري من الأمعاء السِّتَّة. وَأما الْكَائِن عَن جَمِيع الْبدن فإمَّا على سَبِيل البحران وَقُوَّة من الْقُوَّة الدافعة وَإِمَّا على سَبِيل سُقُوط من الْقُوَّة الماسكة كَمَا يعرض للخائف المذعور والمسلول والمدقوق فِي آخر عمره وَإِمَّا على سَبِيل الذوبان ويبتدىء رَقِيقا ثمَّ يصير خائراً ويشتد الْجُوع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute