الورم والحرارة فِيمَا دون الشراسيف وَلم يكن وجع ثمَّ أصَاب الْمَرِيض مَا يُغير فِي نَفسه ثمَّ سكن بِلَا سَبَب ظَاهر.
وَفِي ذكره أَيْضا الأورام الَّتِي فِيمَا دون الشراسيف قَالَ: هَذَا القَوْل أَن هَذِه الأورام تدل فِي أَولهَا أَنه لَا يُؤمن على الْمَرِيض موت حثيث فَإِن جَاوَزت عشْرين يَوْمًا والحمى بَاقِيَة والورم لَا يسكن فَهِيَ تتقيح.
وَقد يعرض لأَصْحَاب هَذِه الْعلَّة فِي الدّور الأول رُعَاف فيعظم نَفعه لَهُم وَلَكِن قد يجب أَن)
يسْأَل الْمَرِيض: هَل يجد صداعا وغشاوة فَإِنَّهُ إِن أَصَابَهُ شَيْء من هَذَا فَإِن الشَّيْء مائل إِلَى هُنَاكَ وَيجب أَن يتَوَقَّع الرعاف أَكثر من كَانَت سنه دون الْخمس وَالثَّلَاثِينَ.
وَقَالَ أَيْضا فِي كتاب تقدمة الْمعرفَة قولا آخر دلّ على طَرِيق البحران وَهُوَ هَذَا: إِن من بَال بولا رَقِيقا مائيا زمانيا طَويلا ثمَّ كَانَت سَائِر العلامات الَّتِي تظهر فِيهِ تدل على أَنه سيسلم فَيجب أَن يتَوَقَّع لَهُ خراج فِي الْمَوَاضِع الَّتِي أَسْفَل الْحجاب.
وَقَالَ فِي كتاب الْفُصُول: وَفِي إبيذيميا أَشْيَاء أخر فِي تعرف طرق البحران مِنْهَا قَوْله: إِنَّه يكون قبل النافض احتباس الْبَوْل وَمِنْهَا قَوْله: إِن الْعين إِذا احْمَرَّتْ أنذرت برعاف وَمِنْهَا قَوْله: إِن الشّفة السُّفْلى مَتى اختلجت أنذرت بقيء وَقَوله: إِنَّه مَتى حدث بعد الصداع سبات وصمم بَغْتَة دلّ على خراج يخرج عِنْد الْأذن.
وَلَيْسَ تحْتَاج عِنْد تعرف طرق البحران إِلَى شَيْء أَكثر من أَن تنظر إِلَى أَي نَاحيَة تميل الطبيعة وَقد دلّ على ذَلِك أبقراط فِي مَوَاضِع مِنْهَا قَوْله فِي تقدمة الْمعرفَة: إِن وجع الْفُؤَاد والنافض إِنَّمَا يبتدئان بقيء كَائِن وَتغَير النَّفس والشعاع أَمَام الْعين ينذران برعاف وَقَوله: إِذا كَانَ البرَاز كثير المرار وذريعا صرفا وَالْبَوْل كثيرا جدا وَفِيه ثفل راسب كثير أَبيض دلّ على أَن الْمَرَض مائل إِلَى تِلْكَ النَّاحِيَة وَإِن انتفاض الْبدن يكون من ذَلِك الْوَجْه وَإِن لم يمل الْمَرَض ميلًا للنواحي وتطاول مَعَ عَلَامَات السَّلامَة فَيَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع لَهُ خراج.
ويستدل أَيْضا على الْخراج بميل الطبيعة وَقد دلّ ذَلِك أبقراط فِي مَوَاضِع إِلَى النَّاحِيَة الَّتِي يكون فِيهَا. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ: إِن الْخراج يكون فِي الْموضع الَّتِي هِيَ أَسْفَل من الصَّدْر مَتى كَانَ من الورم والحرارة شَيْء فِيمَا دون الشراسيف من أجل أَنه إِذا كَانَ ذَلِك فالأخلاط المولدة لورم الرثة مائلة إِلَى أَسْفَل وَإِنَّمَا جعل هَذَا القَوْل فِي ذَات الرئة مثلا للجملة الَّتِي قصد بهَا.
وَمَتى كَانَت تِلْكَ الأخلاط لَيست مائلة إِلَى أَسْفَل وَوجد مَا دون الشراسيف خَالِيا من الورم والحرارة والوجع دَائِما عرض للْمَرِيض مَا يُغير نَفسه من غير سَبَب بَين وَإِن كَانَ كَذَلِك فالخراج ضَرُورَة يكون فِي مَا فَوق الصَّدْر أَعنِي فِي اللَّحْم الرخو الَّذِي فِي أصل الْأذن وَقد يظْهر مَعَ ذَلِك شَيْء من الْأَعْرَاض الَّتِي تعرض فِي الرَّأْس مِمَّا تدل على ميل الْخراج إِلَى تِلْكَ النَّاحِيَة كالسبات والصمم بَغْتَة من غير سَبَب مَعْرُوف وَثقل الصدغين وَالرَّأْس وَغير ذَلِك مِمَّا أشبهه.
قَالَ ج: يجب بعد أَن تعلم أَن البحران كَائِن أَن تعلم بِأَيّ طَرِيق يكون هَذَا التَّعْلِيم الَّذِي أعلمك)
انْظُر أَولا هَل الْمَرَض حاد حَار يَجِيء فِيهِ البحران فِي الْأَيَّام الأول فَإِنَّهُ إِن كَانَ كَذَلِك فَوَاجِب أَن لَا يكون بخراج لَكِن باستفراغ ثمَّ انْظُر إِلَى حركته فَإِنَّهُ إِن كَانَ متطاولا بطيء الْحَرَكَة فَإِن البحران يكون بخراج لَا سِيمَا إِن كَانَ الْمَرِيض بَال بولا رَقِيقا مُدَّة طَوِيلَة لِأَنَّهُ إِن بَال بولا ثخينا كثيرا فِيهِ ثفل كثير راسب أَبيض مَحْمُود فالأخلق أَن ينضج الْمَرَض قَلِيلا قَلِيلا وَإِلَّا يحدث لَهُ بحران بخراج ثمَّ انْظُر بعد هَذَا إِن كَانَ البحران يكون باستفراغ بِأَيّ ضرب من ضروب الاستفراغ يكون فَإِن كَانَ يكون بخراج فَفِي أَي مَوضِع يكون ذَلِك الْخراج وَتعلم بِأَيّ ضرب من ضروب الاستفراغ يكون البحران من طَرِيقين: أَحدهمَا أَن تَجِد العلامات الْخَاصَّة بِوَاحِد من الضروب وَالثَّانِي أَلا تَجِد شَيْئا من عَلَامَات الضروب الْأُخَر وَإِن كَانَ عَلامَة الضَّرْب الَّذِي وَأَنا واصف لَك العلامات الدَّالَّة على ضروب من البحران وَيجب عَلَيْك أَن لَا تقتصر على العلامات الدَّالَّة على وَاحِد لَكِن تتفقد الدَّالَّة على كل ضروب إِذا رَأَيْت الْبَطن قد اعتقل وَالْبَوْل قد احتقن أَيْضا بِالْقربِ من وَقت البحران فتوقع نافضا وَإِذا خضر النافض فَانْظُر مَا يحدث بعده أعرق أم قيء أم اخْتِلَاف أم اثْنَان من هَذِه أم كلهَا وَانْظُر أَولا فِي طبيعة الْمَرَض فَإِنَّهُ إِن كَانَت حماه محرقة خَالِصَة فقد يصحح عنْدك أَمر النافض قبل حُدُوثه وَذَلِكَ أَن الْحمى المحرقة إِنَّمَا تتولد عَن الصَّفْرَاء وَقد قُلْنَا: إِن هَذَا الكيموس إِذا تحرّك حَرَكَة قَوِيَّة ولد نافضا ثمَّ انْظُر بعد هَذَا هَل احْتبسَ الْبَوْل وَحده أَو احْتبسَ مَعَه الْبَطن قبل النافض فَإِنَّهُمَا إِن كَانَا احتبسا مَعًا فالبحران يكون بعرق كثير لَا محَالة وَإِن كَانَ الْبَوْل احْتبسَ وَحده أَو احْتبسَ مَعَه الْبَطن قبل النافض فَانْظُر هَل زَاد قبل البحران على مِقْدَار مَا كَانَ قبل ذَلِك أَو نقص عَنهُ فَإِن رَأَيْته قد زَاد زِيَادَة كَثِيرَة فَاعْلَم أَن الطبيعة مائلة نَحْو هَذَا الطَّرِيق وَبِه يكون البحران وَإِن رَأَيْته قد نقص علمت أَن ميلها نَحْو الْعرق وَبِه يكون البحران وَإِن رَأَيْت مَعَ ذَلِك عَلَامَات تدل على الْقَيْء فالبحران يكون بهما أَعنِي بالقيء والعرق.
وَإِن كَانَ العلامات الَّتِي تدل على أحد الاستفراغين أقوى من العلامات الَّتِي تدل على الآخر كَانَ البحران بذلك الاستفراغ أَكثر وَإِن كَانَت متكافئة فالبحران يكون بهما سَوَاء.
وَإِن لم تَرَ شَيْئا من عَلَامَات الْقَيْء فتوقع الْعرق وَحده لَا سِيمَا إِذا رَأَيْت الْمَرِيض قد