ضد المغربية والبلدان الْمَوْضُوعَة قبالة مغرب الشَّمْس وَهُوَ منحد مطلع الْحمل إِلَى حد مطلع الجدي والسرطان وَأصْدقهَا طبعا وأعدلها فِي هَذَا الْموضع على سمت الْمِيزَان وَإِنَّمَا نقُول هَذَا وَمَا مَال مِنْهَا إِلَى نَاحيَة السرطان والجدي فَيدْخل بِقدر ذَلِك فِي طبائع تِلْكَ الْبلدَانِ فالموضوعة سمت مغرب الشَّمْس هِيَ مَوْضُوعَة على هَذَا الْحَد إِلَّا أَنَّهَا مكشوفة للمغرب مستورة من الْمشرق وَهِي ضد المشرقية والشمالية ضد الجنوبية فَأَما المشرقية فتوافق الشمالية فِي أَشْيَاء والجنوبية فِي أَشْيَاء لِأَنَّهَا بَينهمَا وَكَذَا المغربية وتخصها فِي نَفسهَا أَشْيَاء أُخْرَى والمشرقية هِيَ الْمَدِينَة الثَّالِثَة فَهَذَا أصل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ.
فَأَما أبقراط فَيَضَع ذَلِك بِحَسب الْفلك الْخَارِج المركز للشمس فالمدينة الأولى المسامتة لخط الاسْتوَاء وَالثَّانيَِة المسامتة لما تسامت اخْتِلَافا فِي الطَّبْع وَذَلِكَ أَن الْبلدَانِ تخْتَلف طبائعها من أجل الْعرض اخْتِلَافا كثيرا جدا حَتَّى تتضاد وَلَا تخْتَلف من أجل الطول الْبَتَّةَ فالأجود أَن تفهم أَولا مَا قلت أَولا بِالْكُلِّيَّةِ ثمَّ مَا قَالَ.
قَالَ أبقراط: كل مَدِينَة مَوْضُوعَة بِإِزَاءِ مشرق الشَّمْس فَإِنَّهَا أصح لِأَن الْحَرَارَة والبرودة فِيهَا أقل.
لى: افهم هَهُنَا على قَوْله لِأَن الْبلدَانِ الَّتِي تَحت خطّ الاسْتوَاء شَدِيدَة الْحَرَارَة فَيجْعَل حد غَايَة الْحر فِيهَا من القطب الجنوبي. وَأما حد غَايَة الْبرد فَإلَى حَيْثُ يكثر عرضهَا فِي الشمَال مَا أمكن وَالَّذِي بَين هَذِه فِي الْوسط إِذا كَانُوا مكشوفين للمشرق وهم أهل الْبَلَد وَالَّذِي نريده الْآن وَلَيْسَ وَاعْلَم أَن الْحر وَالْبرد علته الأولى اخْتِلَاف الْعرض وَأما الْأُخْرَى فالارتفاع والانخفاض أقواها ثمَّ الاستتار والانكشاف وَالْجِبَال المحرقة يشْتَد حماها بالشمس أَو مَوَاضِع ثلوج كَثِيرَة تهب عَلَيْهَا دَائِما ريَاح تَجِيء إِلَى بلد فَإِنَّهَا تبرده أَو ريَاح أضداده هَذِه وَسَائِر ذَلِك مِمَّا سَنذكرُهُ.
قَالَ أبقراط: أمراضهم تكون أقل وأضعف ومياههم نميرة لَطِيفَة صَافِيَة وَذَلِكَ أَن انكشافهم لمشرق الشَّمْس مِمَّا لَا يدع الْهَوَاء أَن يغلظ وَذَلِكَ لسرعة مبادرة الطُّلُوع عَلَيْهِم فَإِن الْهَوَاء إِنَّمَا)
يغلظ فِي الأسحار لفقد الْحَرَارَة: فَإِذا أسْرع طُلُوع الشَّمْس على الْبلدَانِ فرق ذَلِك الْهَوَاء قبل أَن يتلبد ويمازج المَاء وَغَيره وبالضد.
قَالَ: وكل مَدِينَة على سمت الْمغرب تكون رُطُوبَة هوائها بَاقِيَة فِيهَا كثيرا.
قَالَ: وبشرة وُجُوه هَؤُلَاءِ حَسَنَة لينَة وألوانهم نيرة مضيئة إِن لم يعرض دونه عَارض وأصوات رِجَالهمْ صَافِيَة حَدِيدَة وَلَا يصلعون سَرِيعا وَلَا يحتدبون وَهِي أصح المدن مَاء وهواء والعشب والنبات فِي هَذِه أصح من غَيرهَا وَأَهْلهَا أفضل أبداناً وأنفساً.
قَالَ: وَهَذِه الْمَدِينَة فِي خاصتها تشبه فصل الرّبيع فِي اعتداله.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute