لى: أَنه لم يُعْط الْعلَّة فكأنهم لم يَأْكُلُون كثيرا.
وَقَالَ: أَنهم يشربون قَلِيلا لِأَن أكلهم كثيرا وقلما يجْتَمع أَن يَأْكُل الْإِنْسَان وَيشْرب كثيرا وَالْعلَّة عِنْدِي فِي كَثْرَة الْأكل برد الْبَلَد وَفِي قلَّة الشّرْب تنشقهم الْهَوَاء الْبَارِد وَقلة الْعرق كالحال فِي)
قَالَ: وَلَا يعرض لَهُم الرمد سَرِيعا فَإِن عرض تصدعت أَعينهم لِأَن الرمد إِنَّمَا يقل فيهم لبرد بِلَادهمْ كَمَا أَنه يكثر فِي أُولَئِكَ لحر بِلَادهمْ وكما أَن أُولَئِكَ أَعنِي أَصْحَاب الْبِلَاد الجنوبية يسلمُونَ مِنْهُ لسخافة أَعينهم ولين بطونهم.
قَالَ: فَكَمَا أَنه لَا يعرض الرمد فِي الشتَاء إِلَّا للقليل من النَّاس فَإِن كَانَ شَدِيدا مؤلماً وَذَلِكَ يكون لضيق مسام صفاق الْعين وكثافتها من شدَّة الْبرد فَلَا تخرج مِنْهَا الفضول حَتَّى أَنَّهَا رُبمَا تصدعت لِكَثْرَة احتقان الرطوبات فِيهَا ولجسأ الطَّبَقَات لشدَّة الْبرد فَأَما الْأَبدَان اللينة فعلى خلاف ذَلِك لِأَن مسامها وَاسِعَة وطبقاتها مواتئة للامتداد.
لى: فَهِيَ بعيدَة من جِهَتَيْنِ أَن الامتلاء لَا يجْتَمع فِيهَا شَدِيدا لسعة المسام وَأَنه إِن اجْتمع فَإِن الطَّبَقَات مواتئة للامتداد. وبالضد فِي الْبلدَانِ والأزمان الْبَارِدَة.
قَالَ: ويعرض للشباب فِي الصَّيف رُعَاف شَدِيد كثير لِأَن الدِّمَاء فِي أبدانهم كَثِيرَة لبرد الْبَلَد فَإِذا جَاءَ الصَّيف تحللت وصعدت نَحْو الرَّأْس وفجرت الْعُرُوق.
قَالَ: وَلَا يعرض لَهُم الصرع فَإِن عرض كَانَ قَوِيا شَدِيدا لِأَن هَؤُلَاءِ أصحاء الرؤوس يابسها والفضول فِيهَا قَليلَة وَيكون الصرع فِيهَا دَلِيلا على عِلّة فِي غَايَة الْقُوَّة حَتَّى أمكنه إِن ظهر أَن يقهر مثل هَذِه الرؤوس.
قَالَ: وأعمارهم أطول. قَالَ ج: لقُوَّة أبدانهم وصحتها وَلَا سِيمَا الرَّأْس والبطن لِأَنَّهُ أَكثر مَا تعرض لَهُم الْأَمْرَاض الحادة والأمراض الحادة تعرض للأبدان القوية والقروح فِي أبدانهم سريعة الْبُرْء غير مؤلمة لِأَنَّهَا لَيست رطبَة وليبس أبدانهم لَا ينصب إِلَيْهَا شَيْء لصلابة أبدانهم وأخلاقهم خبيثة سبعية لأَنهم أَصْحَاب مرّة صفراء وأبدانهم قحلة وبلادهم بَارِدَة.
قَالَ: فَهَذِهِ الْأَمْرَاض تعرض فِي رِجَالهمْ وَهِي أمراضهم البلدية لِأَن أبدانهم لَا تنقى من الفضول وَالنِّسَاء أَيْضا لَا ينقين بالطمث وَالنِّسَاء عواق لِأَن برد هَذِه الْمَدِينَة وتنفسه يمْنَع الطمث من أَن يجْرِي مجْرَاه فَلَا ينقى النِّسَاء على مَا يَنْبَغِي وَلِأَن المَاء الْبَارِد فِي الْأَكْثَر بطيء النضج والبطيء النضج هُوَ الَّذِي لَا يسخن سَرِيعا وَلَا يبرد سَرِيعا فَيفْسد الطمث.
قَالَ: وَمن اشْتَمَلت من هَؤُلَاءِ عسر ولادها ليبس بدنهَا وصلابته وَلَا يعرض لَهُم إِسْقَاط إِلَّا قَلِيلا لِأَن أرحامهن جافة قَليلَة البلغم ولقوة أبدانهن وَرُبمَا أسقطن من شدَّة برد المَاء للذعه الْجَنِين ويقل لبنهن ويغلظ للبرد. وَقد يعرض لَهُنَّ كزاز وَأكْثر مَا يعرض لَهُنَّ