من كتاب العلامات: الصَّيف تكون الأخلاط فِيهِ ردية مرارية وخاصة فِي آخر الصَّيف وَابْتِدَاء الخريف وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يحسن التَّدْبِير فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ.
الْخَامِسَة عشرَة من النبض: فِي الوباء الْمُفْسد للقلب يلْزم حمى كالدق لَا يحسها أَصْحَابهَا ونبضهم لَيْسَ بِبَعِيد عَن الطبيعي أَو هُوَ كَمَا هُوَ وَلَيْسَ بطبيعي على الْحَقِيقَة لَكِن قد اتّفق فِي الْقلب سوء مزاج مُخْتَلف يجْتَمع فِي جملَته إِن يكون النبض بِتِلْكَ الْحَال وحالهم مَعَ هَذَا ردية ويموتون وهم بِهَذِهِ الْحَال وتنفسهم رُبمَا كَانَ منتنا وَيَمُوت أَكثر من تنفسه منتن لِأَن ذَلِك دَلِيل على عفن فِي الْقلب وَمِنْهُم من يحس بحماه وَلَكِن لَا تثبت فِي جرم الْقلب بل فِي بَطْنه.
وَقَالَ: الحميات الوبئية تحير الْأَطِبَّاء لِأَن العليل لَا يحس فِيهَا بحرارة وَلَا فِي نبضه وَلَا فِي مَائه مَا يدل على خُرُوج عَن الطبيعة وَإِن وجد شَيْئا من الإعياء وَالْكرب ذهب عَنهُ بالحمام وهم مَعَ ذَلِك يموتون سَرِيعا فَلهَذَا تحير الْأَطِبَّاء فِيهَا إِلَّا أَن الْعَامَّة قد يعلمُونَ بالتجربة أَن ينْظرُوا إِلَى النَّفس فَإِن كَانَ منتنا علمُوا أَن الْحَال ردية ويتفقدون مَعَ ذَلِك لون الرِّيق فَإِن كَانَ لَونه بلون مَا يدل على الْفساد قضوا أَن حَاله هَذِه من وباء وَيَنْبَغِي للطبيب أَن يتفقد فِي أَفْوَاههم فَأَنَّهُ يرى فِي أَفْوَاه بَعضهم شَيْئا كلون الورم الْمَعْرُوف بالحمرة والورم الْمَعْرُوف بالنملة وتراه متشققاً قطعا قطعا فِي أول مرضهم وصدورهم إِذا لمست حارة وأبوالهم كَثِيرَة خاثرة وَقد تكون أَيْضا رقيقَة مائية وَفِي الْأَكْثَر تكون على الْحَال الطبيعة فَإِن رَأَيْت فِي بعض أبوالهم تعلقاً أَو رسوباً ردياً أَو سوداوياً أَو باذنجانياً أَو متشوشاً ملقى بعضه على بعض كالدقيق الَّذِي ينصب على الطابق فَإِن ذَلِك كُله رَدِيء.
قَالَ: فبهذه يَنْبَغِي أَن تعرف وَتعلم هَل فِي بدن الْمَرِيض اخْتِلَاف مَا فَقَط أم ابْتِدَاء مرض بِهِ وتأتى مَعَه حمى دقيقة وَمَعَ هَذِه العلامات فقد يفرق بَين هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ.
لى: يعْنى بَين من بِهِ فَسَاد وبئى وَبَين من بِهِ سوء مزاج يحدث بِهِ حمى دقيقة أَو بِهِ دق خَالِصَة بِلَا وباء.