للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(فِي حمى غب) (والمحرقة ولسونوخس فِيهَا ذكر ولدلائل السرسام. اقْرَأ من بَاب جمل) (الحميات حَال حمى البلغمية المضاهية للغب.) ٣ (معرفَة حمى غب) قَالَ ج فِي الْمقَالة الثَّالِثَة من كتاب البحران: إِذا أردْت أَن تعرف الْحمى أَنَّهَا غب بِأَن تنظر هَل تنوب فِي الثَّالِث كثر خطأك لِأَنَّهُ مُمكن أَن تكون غبين فتنوب إِحْدَاهمَا كل يَوْم وَأَن تكون حميين فتنوب غبا.

قَالَ: مَتى حدثت حمى فِي صيف فِي بدن حَار المزاج وَالسّن وَالتَّدْبِير قَلِيل الطَّعَام كثير التَّعَب والسهر وَسَائِر مَا يُقَوي هَذَا فَإِنَّهُ يكَاد لَا يحصل لنا بعد أَنَّهَا غب إِذْ كَانَ تتولد فِي الصَّيف جميات دائمة ومحرقة وغب.

قَالَ: ٣ (الْفرق بَين الغب والمحرقة) أَن الصَّفْرَاء تَنْتَشِر فِي الْبدن كُله وَلذَلِك يتقدمها نافض ويتبعها قيء صفراوي وَتَكون آثَار الصَّفْرَاء فِيهَا محصورة فِي الْبَوْل والعرق بَيِّنَة وَأما المحرقة الَّتِي لَا تفارق فَإِن الصَّفْرَاء فِيهَا محصورة فِي جَوف الْعُرُوق مَعَ الدَّم وَبِهَذَا تخَالف الغب وَإِن كَانَ الْخَلْط الْفَاعِل لَهما وَاحِدًا.

فَأَما حمى الغب فتتحرك الصَّفْرَاء فِيهَا حَرَكَة قَوِيَّة حَتَّى تَنْتَشِر وتنبث فِي جَمِيع الْأَعْضَاء وَلذَلِك تعين على نفضها بِقُوَّة حركتها وَشدَّة بردهَا وَهَذِه هِيَ الْعلَّة فِي سُكُون الْحمى وإقلاعها بعد الْعرق والقيء وَأما المحرقة فَكل وَاحِدَة من نَوَائِب الْحمى لَا تنقص حَتَّى تنقلع وتنقى نقاء تَامّ لِأَن الْخَلْط الَّذِي هُوَ سَبَب الْحمى لَيْسَ ينتقص وَيخرج عَن الْبدن إِلَّا أَن فِي هَذِه الحميات أَيْضا إِذا تحركت الصَّفْرَاء حَرَكَة أقوى حَتَّى كَأَنَّهَا تغلي وتفور وَكَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة بعض الْقُوَّة دفعتها فبرزت وانتشرت فِي الْبدن كُله ويتقدم نوبتها نافض ويتلوها انْقِضَاء الْحمى.

قَالَ: قد بيّنت أَن النافض يكون عَن السَّبَب الْحَار أَيْضا وَأما حمى الغب إِذا كَانَت مُتَوَلّدَة عَن الصَّفْرَاء إِذا تحركت وانتشرت فِي الْبدن فَوَاجِب أَن يَأْتِي فِي أَولهَا نافض قوي. وَبَين نافضها ونافض الرّبع من الْفرق أَن نافض الغب يحس فِيهِ كَأَن الْجلد يغرز بالإبر وينخس وَفِي الرّبع يحس فِيهِ بِبرد شَبيه بالبرد الْعَارِض فِي الشتَاء عِنْد برد الْهَوَاء.)

قَالَ: فحمى الغب لَا يُمكن أَن تكون إِلَّا وَمَعَهَا نافض قوي يحس الْإِنْسَان فِيهِ كَأَن لَحْمه ينخس بالإبر وَيكون النافض فِيهَا قَوِيا من أول الْأَمر بِخِلَاف نافض الرّبع الَّذِي إِنَّمَا يقوى أَولا أَولا مَتى امتدت أَيَّامهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>