يُمكن أَن يكون الْبدن ينقى من أخلاط كَثِيرَة أَيْضا. أَي مرض خرجت فِي ابْتِدَائه الْمرة السَّوْدَاء إِمَّا من أَسْفَل وَإِمَّا من فَوق فَمن عَلَامَات الْمَوْت.
قَالَ ج: مَا دَامَ الْمَرَض فِي ابْتِدَائه فَلَيْسَ يُمكن أَن يكون مايبرز عَنهُ بِدفع الطبيعة لَهُ إِذا كَانَت الطبيعة فِي ذَلِك الْوَقْت مثقلة والأخلاط لم تنضج بعد وَأما بعد النضج فقد يكون مِنْهُ الأستفراغات الردية من أجل أَن الطبيعة تنقي الْبدن.
قَالَ ب: من نهكه مرض حاد أَو مزمن من سُقُوط قُوَّة ثمَّ خرجت مِنْهُ مرّة سَوْدَاء كَالدَّمِ الْأسود فَأَنَّهُ يَمُوت من غَد ذَلِك الْيَوْم لِأَن الْقُوَّة الساقطة لَا تفي بِأَن تبقى حَتَّى تنضج مثل هَذِه الأخلاط على رداءتها فَإِذا كَانَ الْبدن منهوكاً مهزولاً سَاقِط الْقُوَّة فخروج مثل هَذِه الأخلاط مِنْهُ يدل على شدَّة ضعف وَأَنه لَا شَيْء يمْسِكهَا وَلذَلِك لَا يتَأَخَّر الْمَوْت.
الْفُصُول السَّادِسَة: البرَاز الصّرْف الَّذِي لَا يخالطه شَيْء من رُطُوبَة مائية وَإِنَّمَا يخرج مِنْهُ ذَلِك الْخَلْط الْغَالِب من جنس الصَّفْرَاء كَانَ ذَلِك أَو من جنس السَّوْدَاء أَو من جنس المرار الْأَخْضَر وكل هَذِه وَنَحْوهَا مَتى كَانَ صرفا دلّ على أَن الرُّطُوبَة الطبيعية كلهَا قد اجْتمعت من حرارة الْحمى.
قَالَ: الأختلاف الزبدى سَببه المولد لَهُ وَاحِد وأسبابه الْمُتَقَدّمَة كَثِيرَة لِأَنَّهُ قد يكون الشَّيْء الَّذِي يخْتَلف زبدياً إِذا كَانَ ينحدر من الرَّأْس إِلَى الْمعدة رُطُوبَة تخالطها ريح الْبدن وَيكون تولد هَذِه الرُّطُوبَة فِي الْمعدة والأمعاء وَكَيف كَانَ فَلَا يكون البرَاز زبدياً إِلَّا من ريح غَلِيظَة تتحرك فِي وَقت مخالطتها للرطوبة حَرَكَة شَدِيدَة حَتَّى تَنْقَطِع هِيَ وتنقسم وتقطع تِلْكَ البلغمية وتقسمها إِلَى أَجزَاء صغَار كَثِيرَة وَالسَّبَب فِي حَرَكَة هَذِه الرّيح إِمَّا حرارة كَثِيرَة وَإِمَّا أَن تكون فِي نَفسهَا متحركة.
قَالَ أبقراط: من كَانَ بِهِ اخْتِلَاف زبدى فَأن ذَلِك ينحدر من رَأسه.)
قَالَ جالينوس: قد يكون ذَلِك عَن الرَّأْس إِذا نزلت مِنْهُ نَوَازِل إِلَى الْمعدة وَيكون من غَيره على مَا ذكرنَا.
الأولى من الثَّانِيَة من أبيذيميا: الأختلاف الخراطى الزبدى يدل على أفراط الأستفراغ وَخُرُوج مَا فِي الأمعاء حَتَّى أَنَّهَا قد انجردت والأختلاف المنتن يدل على عفونة فِي الْبدن وَالصرْف الْمَحْض الَّذِي لَا يخالطه غَيره يدل على حرارة غالبة قَوِيَّة على الْبدن مفرطة والمرة السَّوْدَاء تدل على أَنهَاك الْقُوَّة.
الأولى من الثَّانِيَة: البرَاز الشبيه بالمحرق يدل على التهاب فِي الكبد.
الرَّابِعَة من الثَّالِثَة: الأختلاف الَّذِي عَلَيْهِ دسومة رَدِيء إِلَّا أَنه لَيْسَ بمهلك لَا محَالة لِأَنَّهُ مكن أَن يكون من اللَّحْم فأذا كَانَ عَلَيْهِ شبه صديد اللَّحْم ولون مشبع أصفر ونتن غَالب فَأَنَّهُ مهلك لَا محَالة لِأَن هَذَا من ذوبان اللَّحْم.