للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ابن عبد العزيز، حدثنا داود بن عمرو، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: لما قدم جعفر وأصحابه استقبله النبي - صلى الله عليه وسلم - فقبّل بين عينيه.

قال أبو أحمد: ورواه أبو قتادة الحزاني عن الثوري وقال: عن عمرة عن عائشة.

قال الحليمي (١) رحمه الله: ومن وجوه المقاربة والمواصلة إطعام الطعام وقد ذكرنا في ذلك أحاديث فيما مضى من الكتاب.


= وقال المحدث الشيخ الألباني بعدما ذكر حديث أنس بن مالك: فيه رد على بعض المعاصرين من المشتغلين بالحديث (وهو الشيخ عبد الله بن محمد الصديق الغماري) فقد ألف جزءًا صغيرًا أسماه: "أعلام النبيل بجواز التقبيل" حشد فيه كل ما وقف عليه من أحاديث التقبيل ما صح وما لم يصح، ثم أورد هذا الحديث وضعفه بحنظلة ولعله لم يقف على هذه المتابعات التي تشهد له ثم تأوله بحمله على ما إذا كان الباعث على التقبيل مصلحة دنيوية كغنى أو جاه أو رياسة مثلًا، فهذا تأويل باطل؛ لأن الصحابة الذين سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التقبيل لا يعنون به قطعًا التقبيل المزعوم، بل تقبيل تحيّة كما سألوه عن الانحناء والالتزام والمصافحة، فكل ذلك إنما عنوا به التحية فلم يسمح لهم من ذلك بشيء إلاَّ المصافحة فهل هي المصافحة لمصلحة دنيوية؟ اللهم لا، فالحق أن الحديث نص صريح في عدم مشروعية التقبيل عند اللقاء، ولا يدخل في ذلك تقبيل الأولاد والزوجات كما هو ظاهر، وكذلك نقول بالنسبة للالتزام والمعانقة أنها لا تشرع لنهي الحديث عنها، ولكن جاء الحديث عن أنس بن مالك أنه قال: كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا تلاقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا، وكذا روى البخاري في "الأدب المفرد"، وأحمد في "مسنده" عن جابر بن عبد الله وعلقه البخاري في "صحيحه".
(١) راجع "المنهاج" (٣/ ٣٢٣ - ٣٢٤).
فثبت بهذين الحديثين أن المعانقة جائزة بفعل الصحابة ذلك.
فيمكن أن يقال: إن المعانقة في السفر مستثنى من النهي لفعل الصحابة ذلك وعليه يحمل بعض الأحاديث المتقدمة إن صحت والله أعلم.
وأما تقبيل اليد ففيه أحاديث وأثار كثيرة يدل مجموعها على ثبوت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنرى جواز تقبيل يد العالم إذا توفرت الشروط الآتية:
١ - أن لا يتخذ عادةً بحيث يتطبع العالم على مد يده إلى تلامذته، ويتطبع هؤلاء على التبرك بذلك، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن قبلت يديه فإنما كان ذلك على الندرة، وما كان كذلك فلا يجوز أن يجعل سنّة مستمرة.
٢ - أن لا يدعو ذلك إلى تكبر العالم عن غيره، ورؤيته لنفسه، كما هو الواقع في بعض المشايخ اليوم.
٣ - أن لا يؤدي ذلك إلى تعطيل سنة معلومة كسنة المصافحة فإنَها مشروعة بفعله - صلى الله عليه وسلم - وقوله، =

<<  <  ج: ص:  >  >>