للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ينفصل ممن قال إذا أمكنه من الكفر وعلم أنه لا يأتي إلا بالكفر لم يصح أن يعقابه لأنه يكون ظالما له حينئذ وما الفصل وكذلك إذا خلق له الآلات والحياة والقدرة والشهوة للمعاصي وعلم أنه لا يفعل بها إلا كفرا به عرضه للهلاك والعطب فيكون له ظالما ووجب أن يكون في إيلام الأطفال والمجانين والبهائم ظالما ولا معنى لتقدير العوض فيه فإن العوض لا يحسن به القبيح في الشاهد إلا بمرضاه (١) فإذا كان جميع ذلك منه غير منسوب إلى الظلم لأنه المالك على الحقيقة وهو فيما يفعله في ملكه غير متعد ذلك ما قلنا لا فصل بينهما.

فإن قيل: من خلق الكفر كان كافرا ومن خلق الظلم كان ظالما.

قيل له: ما ينكر على من يقول: من خلق النوم كان نائما ومن خلق الخوف كان خائفا ومن خلق المرض كان مريضا ومن خلق الموت كان ميتا فإذا لم يلزم ذلك من هذه الأشياء لم يلزم في الكفر والظلم.

فإن قيل أفتقولون: إن الله يشاء الكفر والظلم قيل له: إن أردت بقولك يشاء

الكفر نفي الغلبة والعجز والإكراه على ما يشاء فنعم يشاء أن يكون ما يريد.

وجواب أخر: وهو أن يشاء أن يكون موجودا و لم يزل عالما بأنه يكون موجودا فلا يكون خلاف ما علم والكفر مما لم يزل كان عالما به أنه يكون موجودا ألا تراه يقول: {يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ} (٢) وفيه جواب آخر وهو أنه شاء أن يكون الكفر من الكافر خلاف الإيمان من المؤمن ألا ترى أن موسى وهارون سألا إضلال فرعون. وقومه والشد على قلوبهم فلا يؤمنوا فقال الله تعالى: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا} (٣) فشاء إضلالهم والشد على قلوبهم فلا يؤمنوا و أجاب دعوتهما.

وفيه جواب أخر يشاء (٤) أن يكون الكفر قبيحا ضلالا عمى خسارا لا نورا وهدى وحقا وبيانا وإن أردت تقول يشاء الكفر أي يامر به فتقول ذلك.


(١) كذا في (ن) والمطبوعة. ولا وجه له. وفي الأصل غير واضح ولعله "بمراضاة".
(٢) سورة ال عمران (٣/ ١٧٦).
(٣) سورة يونس (١٠/ ٨٩).
(٤) وفي النسخ "تبعا" ولعل الصواب ما أثبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>