للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فإن قيل: الحكيم من يريد أن يشتم ويذكر بسوء؟

قيل: الحكيم من يجري الشتم على لسان النائم والمبرسم ولا فعل لهما الحكيم من يخلق عبدا يعلم أنه لا يزال يشتمه ويجحده ثم يحدث له كل ساعة قوة جديدة. وقيل (١): من كان الشتم ينقصه فليس بحكيم ومن لم ينقصه فحكيم؛ لأنه يشاء ما لم يكن ولأن من يريد أن يكون شتم الشاتم له بخلاف مدح المادح له فحكيم؛ ومن أراد أن يكون شتم الشاتم له معصية من الكافر لا طاعة فحكيم، لأن من يريد الشيء على ما لا يكون خلافه فحكيم، ومن أراد أن يكون الشتم موجودا في الوقت الذي لم يزل به عالما أنه يكون فيه موجودا فحكيم، لأنه أراد الشيء في الوقت الذي كان يكون فيه، ومن أراد أن لا يكون مغلوبا مقهورا مكرها على كون ما لا يريد فحكيم والكلام في هذا يطول.

فإن قيل: ما تقولون في استطاعة العبد؟

قيل: نقول هي قدرته وهي مع فعل العبد وهي توفيق من الله تعالى للطاعة

وخذلان منه في المعصية قال الله عز وجل (٢): {فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا}.

وقد كانوا لسبيل الباطل مستطيعين فدل على أنه نفى عنهم استطاعة الحق لأنهمِ لم يكونوا فاعلين له، وقال مخبرا عن صاحب موسى عليه (٣) السلام: {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} (٤) فنفى عنه استطاعة الصبر حين أراد أن ينفي عنه الصبر وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل ميسر لما خلق له".

فدل أنه في حال كسبه ميسر وتيسيره قدرته ولأن المسلمين يقولون إنه لا يستطيع الخير إلا بالله وهو قبل كونه ليس بخير فدل على أن استطاعتهم تكون معه ولأن الاستطاعة سبب للفعل يوجد بوجودها ويعدم بعدمها فجرت مع الكسب مجرى العلة مع المعلول ولا يصح تقدم العلة على المعلول (٥) فلا يصح (٦) تقدم الاستطاعة (على) (٧) الكسب.


(١) في الأصل "ثم قيل".
(٢) سورة الفرقان (٢٥/ ٩).
(٣) في الأصل "عليهم السلام".
(٤) سورة الكهف (١٨/ ٦٧).
(٥) في الأصل "على المعلوم".
(٦) في الأصل وفي (ن) "فلا تصح".
(٧) سقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>