للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فإن قيل إذا كان الله خالقا لكسب العباد أفتقولون إن الفعل وقع من فاعلين؟

(قيل) (١): لا فاعل في الحقيقة إلا الله عز وجل كما أنه لا خالق إلا هو والإنسان مكتسب على الحقيقه غير فاعل ولا محدث العين عن العدم.

وكان الشيخ الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان يقول: فعل القادر القديم خلق وفعل القادر المحدث كسب، فتعالى القديم عن الكسب وجل، وصغر المحدث عن الخلق وذل.

فإن قيل: أفتقولون هو مقدور لقادرين؟

قيل: نعم أحدهما يخلقه ويخترعه ويخرجه عن العدم، وهو الله سبحانه وتعالى.

والثاني يكتسبه ولا يخلقه وهو العبد والخلق ما تعلقت به قدرة حادثة فالقدرة الأزلية تؤثر في الاختراع والقدرة الحادثة تؤثر في الاكتساب.

فإن قالوا: فإذا كان الله تعالى خلق أعماله كلها أعمالا له فكيف يثيبه ويعاقبه؟

قيل: ليس الثواب من الله عز وجل إلا بتفضل عليه (٢) وأما العقاب فهو لو ابتلاه في العذاب كان له أن يفعله لأنه ملكه وفي قبضته وليس الكفر علة العقاب ولا الإيمان علة الثواب إنما هما أمارتان جعلتا (٣) علمين لهما.

فقيل: إن كنت كافرا عذبت في الآخرة وإن كنت مؤمنا عوفيت وأثبت وجمغ ذلك من الثواب والعقاب والكفر والإيمان خلقه واختراعه لا لعلة يفعل ما يشاء.

فإن قيل: فإذا عاقبه على ما خلقه له كان ظالما له.

قيل: لم قلت ذلك وما ينكر أن حقيقة الظلم هو تعدي الحد (٤) والرسم الذي يرسمه الامر الذي لا آمر فوقه وأن لا يكون للظلم منه معنى إذ أفعاله كلها تقع على غير وجه التعدي والتحكم فيما لا يملك فلا يستحق اسم الظالم ولو ساغ ما قلته لم


(١) سقط من الأصل.
(٢) في المطبوعة "تفضل".
(٣) في المطبوعة "معلتا".
(٤) في (ن) والمطبوعة "الحدود لرسم".

<<  <  ج: ص:  >  >>