للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

صح أن يحدث لم يكن بعض ما يصح أن يحدث بأن يصح منه إحداثه باولى من بعض، ولأن الإنسان محدث والمحدث لا يصح أن يحدث كما أن الحركة لا يصح أن تتحرك (١) ولأن هذه الحوادث التي هي تقع على وجوه لا يقصدها ككون الكفر قبيحا من الكافر غير واقع على قصده، لأن الكافر يقصد أن يقع كفره حسنا غير قبيح ولا يقع إلا قبيحا فدل أن قاصدا قصد إيقاعه قبيحا لأنه يستحيل أن يقع كذلك من غير فاعل فعله على ما هو به وكذلك الإيمان يقع متعبا مؤلما ولو قصد (المؤمن) (٢) أن يقع على خلاف هذا الوجه لم يتأت منه ذلك دل (على) (٢) أنه وقع كذلك لقصد موقع أوقعه كذلك غير الذي لو جهد لخلافه أن يقع لم يقع.

ولأنا نجد الإنسان غير عالم بحقائق أفعاله كلها وكمياتها وعدد أجزائها ولا يجوز أن يكون مخترعا لها وهو لا يحيط بها علما إذ لو ساغ ذلك لم ينكر أن يكون سائر المخترعين كذلك وأن يكون كذلك حكمة الباري في اختراعه ولا يدخل عليه الكسب لأن الكسب هو اختراع عالم بحقائقه من (جميع) (٣) وجوهه جعله كسبا لنا ونحن مكتسبون له غير مخترعين له والذي يؤكد هذه الطريقة قوله عز وجل: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ. أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير} (٤).

وظاهر هذا أنه خلق الإسرار والجهر اللذين يكتسبان بالقلب وأنه عليم كما وكيف لا يعلم وهو خلقهما؟ فدل (على) (٢) أن الخلق يقتضي علم الخالق بالخلق من كل (٥) الوجوه.

ولأن الدلالة قد قامت أن على مقدور فالله قادر عليه لقيام (٦) الدلالة على أن القدرة من صفات ذاته كالعلم فوجب أن يقدر على كل مقدور كما يعلم كل معلوم وإذا كان كذلك فوجب أن يكون إذا وجد وهو مقدور أن يكون (٧) مرادا له، وأن يكون فعله كما إذا وجد مقدور الإنسان مرادا له ألم يكن فعله.


(١) في (ن) "تحرك".
(٢) زيادة من الأصل.
(٣) زيادة من (ن) والمطبوعة.
(٤) سورة الملك (٦٧/ ١٣).
(٥) الأصل "من كمال الوجوه".
(٦) في الأصل "ولقيام الدلالة".
(٧) زيادة من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>