للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التي تفيد الابتداء والاستدراك معًا؛ "فيكون الاستثناء منقطعًا"؛ نحو: لا يذهب دم القتيل هدرًا حتى تثار١ له الحكومة، أي: إلا أن تثأر له الحكومة بمعنى: لكن تثأر له الحكومة، فلا يذهب هدرا، والغالب في هذا المثال –وأشباهه– أن يبقى النفي الذي قبل "حتى" على حاله بعد تأويلها بالحرف "إلا".

ولا يصح في المثال السالف أن تكون: "حتى" للغاية؛ لأن "حتى" الغائية –كما عرفنا– إذا وقع ما بعدها وتحقق معناه توقف المعنى الذي قبلها، وانقطع.

يترتب على هذا أن الحكومة حين تثأر للقتيل، ينقطع عدم ذهاب دمه هدرًا؛ وانقطاعه وتوقفه يؤدي -حتمًا- إلى وقوع ضده وحصوله؛ أي: إلى أن دمه يذهب هدرًا، وهذا فاسد.

وشيء آخر يمنع أن تكون "حتى" غائية في المثال؛ هو: أن ما قبلها لا ينقضي شيئًا فشيئًا.

وكذلك لا تصح أن تكون: "حتى" "تعليلية"؛ لأن ما قبلها –هنا– ليس علة وسببًا فيما بعدها؛ إذ عدم ذهاب دمه هدرًا بالفعل ليس هو السبب في انتقام الحكومة له؛ لأن هذا يناقض المراد، وإنما الانتقام له فعلًا وواقعًا هو السبب في عدم ذهاب دمه هدرًا، إذ السبب لا بد أن يسبق المسبب، ويوجد قبله؛ ليجيء بعده ما ينشأ عنه، ويترتب عليه، وهو: المسبب، فأخذ الثأر لا بد أن يتحقق بطريقة عملية توجد أولًا، ليوجد بعدها عدم ذهاب الدم هدرًا، لا العكس.

وإذا كانت "حتى" في المثال السابق وأشباهه لا تصلح أن تكون غائبة، ولا تعليلية فلا مفر بعدهما من أن تكون بمعنى: "إلا" الاستثنائية، في استثناء منقطع؛ أي: أنها بمعنى: "لكن" التي تفيد الابتداء والاستدراك معًا -كما أسلفنا- ومن الأمثلة:

١- كل مولود يولد جاهلًا بالشر حتى يتعلمه من أسرته وبيئته، بمعنى


١ تثأر؛ أي: تأخذ بثأره، وتقتص له من الجاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>