للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن يتعلمه، أي: لكن يتعلمه، فلا تصلح أن تكون "غائية"؛ لأن ما قبلها هنا لا يقع متدرجًا متطاولًا بحيث يمتد إلى ما بعدها، بل يقع دفعة واحدة، ولا تصلح أن تكون "تعليلية"؛ لأن ولادة الجاهل بالشر ليست هي العلة المؤثرة في أمر التعليم، ولا السبب المباشر فيه؛ إذ العلة لا يتخلف أثرها؛ فلا بد أن يتحقق بتحققها المعلول، ويوجد بوجودها: لأن العلة لا يتأخر عنها المعلول، فلم يبق إلا أن تكون "حتى"، بمعنى: "إلا" في استثناء منقطع، أي: بمعنى: "لكن" المشار إليها.

٢- ناديتك حتى تحصد القمح بعد ساعات؛ فالنداء ليس فيه تمهل وتدرج يمتدان إلى وقت الحصد، وليس سببًا مباشرًا في الحصد.

٣- افتح نوافذ الحجرة حتى يشتد البرد ليلًا ... ويقال فيه ما سبق١ ...

ب- من الأمثال: "ما سلم القادم العزيز حتى٢ ودع"، "وهو مثل


١ وفي معاني الحروف الثلاثة: "حتى - اللام - إلى" يقول ابن مالك:
للانتها: "حتى"، و"لام"، و"إلى" ... و"من"، و"باء" يفهمان بدلا
واللام للملك وشبهه، وفي ... تعدية أيضًا، وتعليل، قفي
"وزيد..... "
"قفي، أي: نسب وعرف".
سرد ابن مالك في هذين البيتين وكلمة من أول الثالث عدة معان لعدد من الحروف؛ فبين أن: "حتى" و"اللام" و"إلى" تشترك في تأدية معنى واحد؛ هو: الانتهاء، وأن "من" و"الباء" يشتركان في معنى واحد، هو: البدلية، وأن اللام بعد ذلك تفيد معنى الملك وشبهه، والتعدية، والتعليل، وقد تقع زائدة، واكتفى بهذه المعاني القليلة التي يردها لعدد من حروف الجر سردًا مختلطًا مبتورًا، ومن أسبابه ضيق الأوزان الشعرية وقيودها التي لا تتسع لما يتسع له النثر، وقد تداركنا الأمر بالشرح والترتيب المناسبين.
٢ ويلاحظ أن "حتى" في هذا المثال حرف ابتداء: لوقوع الماضي بعدها؛ فليست حرف جر؛ إذ الجارة لا بد من دخولها كما عرفنا على اسم صريح، أو على مصدر منسبك من "أن" وصلتها الجملة المضارعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>