٢ يفهم من هذا أن "حتى" لا بد أن تكون لنهاية الغاية إذا كان المجرور بها اسمًا صريحًا، ولا عكس؛ فلا يلزم من كونها للغاية أن يكون المجرور بها اسمًا صريحًا. لا يلزم هذا؛ لجواز أن يكون مصدرًا مؤولًا من أن المصدرية، وصلتها الجملة المضارعية. ٣ قد تكون: "حتى" مع "أن" المستترة بمعنى: "إلا أن"؛ فيكون الاستثناء منقطعًا، مع ملاحظة أن أداة الاستثناء، هنا مقصورة على: "إلا" وحدها، أما الحرف: "أن" الذي يليها فلا شأن له بالاستثناء، وإنما جيء به لمجرد التفسير والإيضاح. وقد يكون الاستثناء أحيانًا متصلًا كما في بعض الأمثلة التي عرضت، وكما في نحو: لا أجيب الصديق حتى يدعوني لمزاملته؛ أي: لا أجيبه وقتًا إلا وقت دعوتي، ببقاء النفي الذي قبل "حتى" على حاله بعد تأويلها كما هو الأغلب، فالاستثناء متصل مفرع للظرف، ولا تصلح "حتى" غائية؛ لأن عدم الإجابة لا يقع تدريجًا على دفعات؛ إذ الإجابة لا تمتد ولا تتطاول إلى زمن الدعوة، بل إنها لا تكون قبل الدعوة، ولا تصلح أن تكون "تعليلية"؛ لأن عدم الإجابة ليس سبب الدعوة، فلم يبق إلا أن تكون بمعنى الاستثناء، وهو صالح هنا أن يكون متصلًا؛ فلا يعدل إلى الانقطاع، ومثله قوله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ} ... ، أي: ما يعلمان من أحد وقتًا "أي: في وقت" إلا وقت أن يقولا ... ولهذه المسألة بيان أشمل، يستوعب جوانبها الهامة المختلفة، وهو في ج٤ م١٤٩ باب: "النواصب" ص٣١٤ وما بعدها: حيث الكلام المفصل عن "حتى" وأنواعها، وكثير من الأمثلة الأخرى.