فالثنايا فضلة زائدة، فإذن استدلاله لا ينتح المطلوب؛ لأنه إنما كان ينتج المطلوب لو ثبتت زيادة قوله بالمطايا على كلا القسمين، فأما إذا كان أحد القسمين لا يقتضي زيادتها، بل زيادة غيرها، فقد بطل قوله ودعواه أن ذكر المطايا فضلة لا حاجة إليها، على كلا الوجهين.
١١٤- قال المصنف: فأما بيت أبي تمام وهو:
يتجنب الآثام ثم يخافها ... فكأنما حسناته آثام
فإنه قد جاء في بعض النسخ:
يتجنب الآثام خيفة غيها ... فكأما حسناته آثام
وليس بشيء؛ لأن المعنى لا يصح به، والوجه الرواية الأولى.
وقد خطر لي في معناه أنه نظير قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَة} وتقديره أنه يتجنب الآثام، فيكون قد أتى بحسنة، ثم يخاف تلك الحسنة، فكأنما حسناته آثام، وهو على طباق الآية سواء١.
أقول: إن هذا التفسير يكاد يكون التفسير، ولكنه لم يوضحه؛ لأنه قال ثم يخاف تلك الحسنة، ولا ريب أن الحسنة التي صدرت منه هي تجنب الآثام، وهي طاعة لا يخافها أحد، فما باله خاف التجنب حتى صار كأنه من الآثام؟